من المؤسف أن تكون أكبر ضحايا الجدال السياسي والاجتماعي المحتدم حول الخصخصة مشاريع بمليارات الدنانير في البنية التحتية على أسس الشراكة العامة والخاصة التي يعتبرها كثير من التكنوقراط أفضل الخيارات نحو التحديث الأكثر إلحاحا.
وتلك المشاريع التي تستخدم شركاء القطاع الخاص لتحسين تشغيل أصول القطاع العام بعيدة عن مشاريع خصخصة من النوع الذي يثير حفيظة الكثيرين لأنها برأي منتقديها تعتبر بيعا لأصول الدولة بأسعار زهيدة لمستثمرين جشعين.
فتلك المشاركات التي تقوم على جذب الاستثمار الخاص لمشاريع حيوية وخدمية حكومية من شأنها أن توفر الكثير على خزينة الدولة.
ومن المؤسف أن الجدل حول الخصخصة جعلنا نجمد فكرة تلك المشاريع العملاقة التي يمكن أن تعيد تأهيل بنية تحتية متآكلة من طرق ومياه ومستشفيات ويظهر كم نحن بحاجة الى صيانتها وتحديثها كلما مررنا بقرانا وأحيائنا ومدننا المترامية، نرى كم من طرق وشبكات مجار وخدمات تنقصها أبسط المقومات.
إن إعادة إحياء فكرة تلك الشراكات التي تقوم على اشراك القطاع الخاص في الاستثمار بالخدمات الحكومية والتي هدفها تحسين الخدمات العامة ورفع مستوى الحياة، مسألة ملحة في ضوء المتغيرات الاقتصادية والتراجع في النمو وعدم قدرة الدولة على تلبية الاحتياجات المتنامية.
وليس من الملائم أن تكون ردة الفعل ضد التخاصية، رفضا لأي دور للرأسمال الخاص في مشاريع خدمية.
ويتوجب أن تدافع الحكومة عن عقود إدارة مع أفضل مؤسسات القطاع الخاص لتساعد المؤسسات العامة على العمل بكفاءة وأن لا تكون هناك حساسيات نحوها يمكن أن تثير البعض بحجج ودعاوى كثيرة لأن الأصول تبقى ببساطة ملكا للدولة.
فلم يعد هناك الكثير من الموارد في الخزينة للمشاريع الرأسمالية مع كل الضغوط على النفقات الجارية التى تلتهم فواتير الرواتب والتقاعد.
إن موقفا أكثر تشجيعا للقطاع الخاص نحو تلك الشراكات مطلوب اليوم للتخفيف عن كاهل الحكومة التي لا يسعفها تضرر المناخ الاستثماري وما لحق به من تراجع في التدفقات الاستثمارية.
إن هناك الكثير الذي يمكن أن تفعله الحكومة لابعادها عن شبهات الفساد التي باتت مقرونة بالخصصة بتعميم يخالفه الصواب في إعطاء دفع لدور أكبر للقطاع الخاص في مشاريع القطاع العام في ذات الوقت الذي تحمى فيه المصلحة العامة والتي تسمح بمساءلة أكبر في وقت تستفيد فيه تلك الخدمات الحكومية من الديناميكية والابتكار والخبرة إلى جانب الكفاءة التي يوفرها القطاع الخاص.
إن إيجاد طرق مبتكرة بعيدة عن الاستقطاب لجذب التمويل الخاص لمشاريع البنية التحتية ورفع كفاءة ما ينفقه القطاع العام، لا علاقة له بتبديد ثروات الدولة أو إضعاف وفكفكة القطاع العام، بل يرتبط بضرورات تحديث إدارة حكومية باتت أولية وأكثر الحاحا من أي وقت مضى، لأن رفع كفاءتها يصب في خدمات أفضل للمواطنين وتراجع مستوى الخدمات الحكومية التي كان الفساد وراء جانب مهم منها وأحد أهم أسباب الاحتقانات.. فلنعالج ذلك سريعا.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد صحافة سليمان الخالدي