أعلن النواب ولاءهم لجلالة الملك، ودعمهم وتأييدهم لجهود الاصلاح. ومن جهة اخرى، جددوا تمسكهم بما ورد في بيانهم.
لم يعط نواب عريضة الحجب أية توضيحات اضافية حول المستقبل، ورهنوا الامر باللقاءات المرتقبة مع الملك. هل في ذهن النواب سيناريو معين للخروج من الازمة؟ احدى القراءات الصحفية امس استبقت الاحداث وجولة اللقاءات المنتظرة، بتوقع "تسليف" الثقة لستة اشهر، بعد الاستماع الى التطمينات الملكية الحاسمة حول "الهوية" وحول "التوطين".
لكن بعض النواب الذين تحدثت معهم امس، د. محمد ابو هديب وبسام حدادين وعبدالله زريقات وسليمان عبيدات، نفوا بشدة هذا السيناريو، واحتجوا على هذه القراءة لنتائج الاجتماع.
الخارطة الداخلية لنواب العريضة متباينة بالتأكيد، وكذلك المواقف والتصورات، وهي تذهب ممن يجعلون اسقاط الحكومة هدفا وحيدا ونهائيا، كما هو حال د. عبدالله العكايلة، الى من يبدي استعدادا لتسليف الثقة امتثالا لرغبة قد يبديها جلالة الملك، كما هو حال النائب عبد الجليل المعايطة، مرورا بمن يقبلون الحوار والتفاوض على اساس مطالب العريضة، ولعل هؤلاء يمثلون الجسم الاوسع في العريضة مع آخرين خارجها.
وهذا السيناريو الاخير محاط باسئلة مربكة حول الاليات والصيغ لتنفيذه، لكن النواب في هذه المرحلة يفضلون عدم التقدم بأية اضافات توضيحية حفاظا على تماسك الجماعة، واحتفاظا بهامش للمناورة، وتحفظا بروتوكوليا قبل اللقاء مع جلالة الملك.
من جهته، اكتفى الرئيس بابداء التفهم لثغرة النقص الجغرافي (وزراء من البادية والجنوب) دون تعليق على المطالب الاخرى في العريضة، وهي المشاورات النيابية واعادة النظر في التشكيل. وكان التصور بعقد الاستثنائية في ايلول سيعفي الحكومة من الاضطرار سريعا لحسم خياراتها، لكن جلالة الملك رأى ان تعليق الوضع الحكومي كل هذه المدة ليس صحيا، وبذلك تكون جولة اللقاءات الملكية القريبة مع النواب آخر محطة قبل ساعة الحقيقة تحت القبّة مطلع الشهر القادم.
وتبقى علامة الاستفهام الكبرى حول أثر اللقاءات مع الملك على مسار الازمة؟ فحسب التقاليد، لا يدخل الملك طرفا في موضوع الثقة، وهو لم يقدم أي تلميح بهذا الشأن في أي من اللقاءات السابقة، بما في ذلك اللقاء مع رئيس مجلس النواب. اما التطمينات والتوضيحات الملكية القوية بشأن المخاوف من "تفكيك الدولة" واعادة تحديد هويتها والتوطين، فهي تحسم، بصورة مطمئنة، الجدل الذي أثارته مقالات الوزير السابق فواز الزعبي. لكن قضية الحكومة تتصل بمحاور اخرى تعني من وقعوا على العريضة، ومنهم العديد من الاصلاحيين.
اذا لم تظهر توجهات جديدة في اللحظة الاخيرة، فالحكومة ذاهبة الى الثقة دون تعديل او تبديل، وعندها تكون وظيفة العريضة قد انتهت لتبدأ مطاردة الاصوات، على أمل انتزاع ثقة، ولو متواضعة، تكفي حتى الاستحقاق القادم بعد بضعة اشهر، مع مخرجات الاجندة ومشروع الاصلاح.
هذا الاحتمال لو حصل فان العريضة، كما يرى نواب، تكون قد اوصلت رسالتها على كل حال، وهي أن الحكومات ما عادت تشكل بالطريقة القديمة، وان قضية الاصلاح ليست عملا اداريا ينجزه موظفون تكنوقراط.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
جريدة الغد صحافة جميل النمري