بداية لنقرأ هذه القصة التي نشرتها الصحف الأردنية والمواقع أمس الأول: توفى الثمانيني الرجل تاركا وراءه ثلاث بنات عمر أصغرهن 42 عاما كان يرفض على مدى عشرين عاما تزويجهن؛ خوفا من أن تؤول رواتبهن الى غيره

كان الرجل الذي توفت زوجته منذ أمد بعيد ينفق أقل القليل على بناته دون أن يعير اهتماما لحاجاتهن الأساسية فيدخر معظم دخلهن في مكان لا يعلمه أحد.

بعد مماته قررت بنات الرجل منح فرشة والدهن لفني تنجيد في حيهن؛ عله يستفيد منها دون أن يعلمن أن والدهن كان ينام على رواتبهن التي كان يدخرها في فرشته التي كان حريصا على عدم تجديدها أو صيانتها.

فني التنجيد الذي صدمته مفاجأة اونصات الذهب ورزم العملات النقدية المخبأة بالفرشة كان على علم بحال جيرانه خصوصا البنات الثلاث، فأعاد لهن (الكنز) الذي ادخره والدهن من رواتبهن، كاشفا سر إصراره على عدم تزويجهن.

هذه القصة، تفتح الباب على مصراعيه حول تفشي حالة الذعر عند المواطن الذي يصل سنه الى الثمانين، ويعيش حالة الترمل الى الدرجة التي تجعله يتحول فيها الى شخصية انانية لا يمكن ان يحميها الا المال، ذلك أنه يعتقد جازماً أنه اذا عاش وحده فسيتحول الى «قفة» هم هرمة لا أحد يقترب منها حتى أعز الأبناء. ولهذا تراه يغلق بوابات الفرج على الابناء وعلى البنات تحديداً

ومن ناحية أخرى تشير القصة الى ظاهرة العنوسة في المجتمع الأردني، لتؤكد لنا ان من أهم أسباب ظاهرة العنوسة ليس ضيق الحال عند الشباب الأردني كما هو شائع، بل هو استفحال الذكر العربي أو «سي السيد» كما عرفه الواقع العربي المعاصر، في الهيمنة على بيته وبناته والتعامل معهن كمشروع استثماري يظل يدر عليه الاموال التي تدفع له شهرياً. ولهذا كان من مصلحة الرجل الذي خلف كل هذه الاموال في فراشه ولم يستفد منها أن يظل متربصاً بأي زوج مقبل يحاول ان ينتزع ابنته منه ويزوجها لأن هذا يعني أنه سيزوج راتبها أيضاً.

إنّ مثل هذه القصة تدعونا الى التوقف عندها ملياً والتفكر في هذه الظاهرة التي تتعامل مع الأنثى العاملة كبقرة حلوب الى درجة تدمير حياتها، ولعل الأمر بحاجة الى توعية من جمعيات ومنتديات ومساجد بحق الأنثى بالعيش بعيداً عن أي جهة تعاملها كراتب شهري يمشي على أرجل.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور