كان للإعلام نصيبه أيضا في كلمات الكثير من النواب، بعضها دعا إلى إعادة الوزارة -وزارة الاعلام- الى الحياة. لكن منطق هذه الدعوة جاء مشوشا ملتبسا في المعلومات والتشخيص والاستخلاصات.
بل وتخلل إحدى الجلسات، على عجل، أخذ تواقيع النواب على مذكرة لإقالة مدير وكالة الانباء (بترا) ورئيس مجلس ادارة الاذاعة والتلفزيون، تراجعت عنها أغلبية الموقعين، اذ لم يكن لهم حسابات خاصّة مع أي منهما. وهو درس على كل حال في توخي الحذر والدقّة، اذ ان تكاثر سوابق من هذا النوع ليست طيبة بحق النواب، ناهيك عن انها تُفقد سلاح المذكرات وزنا وقيمة يجب ادّخارهما لوقت الحاجة الحقيقية.
كما دخلت على الخطّ قضيّة محمد حسنين هيكل، الذي قال كلاما سيئا بحق الهاشميين، حتى ان النائب خليل عطيّة أعلن حجب الثقة عن الحكومة لأنها لم تردّ على هيكل! أما النائب سعد هايل السرور فلم يصل الى هذا الحدّ، لكنه تأسّى على تقصير أجهزة اعلامنا الرسمية عن القيام بهذه المهمّة الوطنية الجليلة، في حين تصدّى كاتب عربي في صحيفة سعوديّة لهذا العمل. والواقع ان ردّ كاتب من خارج الاردن على هيكل اهمّ وأكثر مصداقية من تجريد حملة من الاعلام الرسمي يكون مردودها عكسيا، وما كنت ابدا لأنصح بهكذا حملة. ويقارن السرور هذا التقصير باهتمام التلفزيون باستقالة وزير صنع منه شهيدا. وهو، بناء على ما سبق، يدعو إلى عودة وزارة الاعلام. لكن هذا يعني عودة وسائل الاعلام العامّة إلى حضن الحكومة، أي لتعود في خدمة الوزراء والحكومة، دون ضمانة بأن تقوم بالدور الوطني الاوسع، مثل تجريد حملة على هيكل.
وقد سخرت أو اشتكت بعض الكلمات من استبدال وزارة الاعلام بعدد من المجالس والمؤسسات، أي ان الوزارة فرخت عدّة وزارات. والمرور على القضيّة بهذه الطريقة يخلق تشويشا، ولا يبحث حقيقة المشكلة. فمنذ سنوات، كان استقلال مؤسسات الاعلام العامة، لتكون للدولة والمجتمع وللمعارضة والموالاة وكل ألوان الطيف، مطلبا عاما. واستقلال أية مؤسسة عامة يعني انشاء مجلس ادارة، يكون هو المرجعية للمدير العام، وليس الوزير. وهكذا، نشأ مجلس ادارة لـ"بترا" وللإذاعة والتلفزيون ولهيئة المرئي والمسموع المسؤولة عن اعطاء التراخيص، اضافة الى المجلس الاعلى للإعلام كمرجعية عامّة. هذه العملية مازالت في بداياتها، وتعاني من الاضطراب، ويجب مراجعتها أولا بأول. لكن الاسراع بالقفز عن المشكلة، باقتراح العودة الى وزارة الاعلام لتكون المؤسسات الاعلامية دوائر تابعة لها، هو عودة الى نقطة الصفر، وكأننا نسينا كل الانتقادات -في وقته- التي حرّكت مشروع التغيير.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري