إعلان الرئيس مبارك عزمه ترشيح نفسه لولاية خامسة يخذل الآمال، ويمدد الركود 6 اعوام أخرى، طويلة طويلة في زمننا السريع هذا.
بعد إعلان الرئيس اليمني علي عبدلله صالح نيّته عدم الترشح لولاية جديدة، اتجهت الأنظار إلى مصر، المركز الأهم والقاطرة التي إذا تحركت جرّت وراءها التغيير في العالم العربي، لكن الرئيس مبارك انتهز أجواء ما بعد تفجيرات شرم الشيخ، التي أوقدت التضامن الوطني، للإعلان بقوّة عن ترشيح نفسه، مقدما تنازلات طفيفة للمطالب المزمنة للمعارضة، مثل إنهاء العمل بقانون الطوارئ واستبداله بقانون لمكافحة الارهاب (على اعتبار أن الطوارىء كانت موجودة لمحاربة الارهاب فقط).
البيئة السياسية تغيرت في مصر، لكن السلطة لا تريد أن تتغير. وقبل سنوات، كان الانتقاد يقتصر على الحكومة، أمّا الرئيس فهو رمز أعلى لا يجوز المساس به، لكن هذه الهيبة انتهت الآن. بل أصبح الشعار السائد: كفى لهذه الرئاسة التي لا تنتهي. وتنزل التظاهرات بشعارات مباشرة ضدّ مبارك، والمعارضة متوحدة حول رفض التجديد ورفض التوريث.
  الان وقد حسم الرئيس قراره، يجب أن تتوحد المعارضة حول أحد الخيارات؛ إما مقاطعة الانتخابات، وقد صدرت بعض الدعوات بهذا الاتجاه، أو الوقوف وراء شخصيّة قوّية، وخوض حملة قوّية تجاه السلطة.
أمّا الخيار الأخير، فهو العصيان المدني، وفق الدعوة التي قالت الصحف انها صدرت عن اللقاء الذي دعا له الاخوان المسلمون لإنشاء "التحالف الوطني من أجل الاصلاح والتغيير"، وهو اجتماع لم تحضره أطراف المعارضة الأخرى، بسبب وجود صيغة ائتلافية أخرى كان قد شارك فيها الإخوان. لكن هذه الدعوة "المتطرفة" لا تنسجم مع تصريحات تفوح منها رائحة المقايضة، جددها عضو مكتب الارشاد عبد المنعم ابو الفتوح بالقول: "إننا لا نعارض الرئيس كشخص بل كسياسة". وهذا كلام لا معنى له، فهل إذا غيّر الرئيس سياسته يوافقون على بقائه في السلطة؟ هذا يوحي بالاستعداد لصفقة دعم بقاء الرئيس مقابل انفراج مع الإخوان.
نحن نحبذ توحد كل المعارضة حول شخصيّة عامّة قوّية لخوض معركة غير مسبوقة، تقود آلة تحجيم سلطة الرئاسة وتعزيز الديمقراطية، لكن شروط الترشيح هي احتياط يستخدم لمنع هكذا ترشيح، وفي هذه الحالة فقط يمكن اللجوء الى المقاطعة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري