هذه اجتهادات بيانية قد تصيب وقد تخطئ ، وقد تدنو أو تبعد ، وأرجو الله أن يسدد قلبي وعقلي للصواب ، إنه الميسر للخير سبحانه وتعالى
4- قال تعالى :
- رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة.
- لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلال مُبِينٍ (164) آل عمران.
- هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأميين رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضلالٍ مُبِينٍ (2) الجمعة .
1- في سورة البقرة نسمع أبا الأنبياء إبراهيم وابنه إسماعيل يدعوان الله تعالى أن يبعث في العرب نبياً كريماً يجمع الأمة ويقودها للخير ، فيستجيب الله الدعاء ونسمعه سبحانه بقلوبنا المحبة يمن علينا - في سورة آل عمران – من أنفسنا بهذه الرحمة المسداة ، فإذا من الأميين العرب – في سورة الجمعة – ينبعث هذا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه .
2- وَقَدْ وَافَقَتْ دعوة إبراهيم الْمُسْتَجَابَة قَدَر اللَّه السَّابِق فِي تَعْيِين مُحَمَّد صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ رسولاً فِي الأميين إِلَيْهِم وَإِلَى سَائِر الأعجمين مِنْ الإنس وَالجِنّ ،فقد قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنِّي عِنْد اللَّه لَخَاتَم النَّبِيِّينَ ، وَإِنَّ آدَم لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَته وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ ; دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيم وَبِشَارَة عِيسَى بِي وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ ، وَكَذَلِكَ أُمَّهَات النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ " وروى أبو أمامة "قال : قُلْت يَا رَسُول اللَّه مَا كَانَ أَوَّل بَدْء أَمْرك ؟ قَالَ " دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيم وَبُشْرَى عِيسَى بِي وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُور أَضَاءَتْ لَهُ قُصُور الشَّام " وَالْمُرَاد أَنَّ أَوَّل مَنْ نَوَّهَ بِذِكْرِهِ وَشَهَرَهُ فِي النَّاس إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَلَمْ يَزَلْ ذِكْره فِي النَّاس مَذْكُورًا مَشْهُورًا سَائِرًا حَتَّى أَفْصَحَ بِاسْمِهِ خَاتَم أَنْبِيَاء بَنِي إِسْرَائِيل نَسَبًا وَهُوَ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السلام حَيْثُ قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيل خَطِيبًا وَقَالَ " إِنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاة وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمه أَحْمَد " وَلِهَذَا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيث " دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيم وَبُشْرَى عِيسَى اِبْن مَرْيَم " . وَقَوْله " وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُور أَضَاءَتْ لَهُ قُصُور الشَّام "
3- ففي الآية الأولى دعاء إبراهيم ، وفي الآية الثانية منّ على البشرية من الله تعالى وبعث ويأتي في الآية الثالثة الرسالةُ والهداية ُ.
4- في دعاء إبراهيم أن يكون الرسول منّا – معشر العرب - فكانت التلبية أخصّ وأكرم حين ذُكرت كلمة " من انفسهم "
5- وكان المنّ على المؤمنين ، فهم الذين يعرفون فضل الله عليهم ، وهم المستفيدون دون الآخرين من الأميين الذين بُعث النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ، فمنهم من آمن ، ومنهم من كفر
6- تسلسل الدعاء بإرسال النبي صلى الله عليه وسلم على لساان إبراهيم وإسماعيل بتلاوة الآيات أولاً ، وتعليم الكتاب والحكمة ثانياً ، ثم التزكية ثالثاً .
7- أما الحكمة الإلهية فكان التسلسل فيها أولاً بتلاوة الكتاب والآيات وثانياً بتزكية النفوس والقلوب ، وثالثاً بتعليم الكتاب والحكمة .
8- فالتربية والتزكية تجعل النفوس والعقول والقلوب قادرة على إدراك فضيلة العلم ، فالكثرة الكاثرة من العلماء المبدعين في عالم الدنيا غافلون عن الحق وتائهون في عماية الضلال ولا يعرفون الله حق المعرفة " يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " . ولهذا كانت التزكية في آيتي آل عمران والجمعة قبل التعليم الذي جاء قبل التزكية في دعاء المبيين الكريمين .
9- ولهذا السبب – والله أعلم – انتهت الآيتان في سورتي آل عمران والجمعة بقوله تعالى " وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " . فالضلال قد يكون في قلوب العلماء الذين يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا داعياً إلى العداوة الأشد للإسلام وأهله من عداوة غيرهم . فقد أضلهم الله على علم يستعملونه في الإيذاء والفساد ,..... والله أعلم .
المراجع
odabasham.net
التصانيف
أدب مجتمع