كالعادة، تشهد عمان فيضا من المؤتمرات والملتقيات، ويكتظ مكتبي بعدد من الدعوات لهذا الشهر. ولا اجد سببا للتبرم المعهود من كثرة ما يعقد عندنا من مؤتمرات؛ فهي ايضا نشاط سياحي يشغل الفنادق ويساهم في الدخل الوطني -شرط ان لا تكون الكلفة على الحكومة- والحكومات والمنظمات المعنية تتسابق عادة للفوز باستضافة هذه الفعاليات في بلدانها.
وامس، كانت هناك فعاليتان تخصان القطاع السياحي، هما: "الملتقى الدولي الخامس للسياحة والفندقة"، و"المؤتمر الاقليمي حول الاعلام والاتصالات السياحية للشرق الاوسط وشمال افريقيا". وقد لبيت دعوة إلى المناسبة الثانية، المهتمة بتعامل الصحافة والاعلام مع السياحة. وكانت هناك اوراق عمل حول السياحة والاعلام في اماكن مضطربة، كما هو حال الشرق الاوسط، وهناك نموذجان طازجان للنقاش هما: شرم الشيخ والعقبة، اللتان شهدتا تفجيرات هدفت من بين امور اخرى إلى ضرب السياحة. وأذكر ان بعض وسائل الاعلام نقلت عن سياح اصرارهم على البقاء في شرم الشيخ ومواصلة عطلتهم بصورة طبيعية كأن شيئا لم يكن تحديا للارهابيين وافشالا لخطتهم، وبدا لي ان هذا الخبر كان ممتازا ومؤثرا للغاية، وفيه تنبيه لآخرين كانوا ينوون التوجه الى شرم الشيخ ان لا يتركوا الارهابيين يحكمون قراراتهم وخططهم. في المقابل، استمعت إلى إحدى الاوراق تتحدث عن تجربة استطلاع للرأي جرى منذ وقت قريب حول كرواتيا، وهي منطقة سياحية ممتازة، ورثت اجمل الشواطئ اليوغسلافية. وقد قال المستطلعون انهم لا يذهبون هناك بسبب ظروف الحرب، مع ان الحرب انتهت منذ اكثر من "دزينة" من السنوات. ومثل ذلك الانطباع موجود عن الشرق الاوسط؛ فهو يؤخذ جملة واحدة كمنطقة مضطربة! ودائما هناك حاجة إلى أساليب فعالة في تقريب الحقيقة، والاساليب الفعالة هي اساليب ذكية لتوصيل رسالة من غير الخطابة الاعلانية المباشرة.
شاركت في بعض الجلسات يراودني شعور بالتطفل على ميدان ليس لي، ولاحظت شيئا من خيبة الامل على وجه وزيرتنا للسياحة علياء بوران بسبب ضعف الحضور الاعلامي، رغم وجود ثلاث اوراق لاعلاميين من عندنا، لكن هل يوجد عندنا اعلاميون مختصون في السياحة؟
ليس هناك على الارجح سوى مندوبي الصحف الذين يغطون "وزارة السياحة"، كجزء من التوزيع الروتيني للمندوبين على القطاعات والوزارات المختلفة، وهم يجمعون على عجل اوراق المؤتمر لتقديم الخبر الروتيني في اليوم التالي. وانا اتحدث هنا عن الخبرة والاختصاص في "الاعلام" وليس "الاعلان" السياحي، وأعرف ربما صديقا واحدا، هو الزميل محمد ابو سماقة، عمل على التخصص في هذا المجال في وقت مبكر. وقد خطر لي ان يقوم المجلس الاعلى للاعلام بعمل دورات متخصصة، بالتعاون مع وزارة السياحة والجهات الاخرى ذات الصلة، لتخريج صحافيين متخصصين في هذا المجال.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري