انقلبت الاجواء رأساً على عقب قبل زيارة جلالة الملك المقررة لفلسطين واسرائيل. وقد لا يكون محتملاً الاستمرار في مشروع الزيارة اذا لم تتراجع اسرائيل عن قرارها استمرار حملة القصف والاعتقالات والاغتيالات.
لقد جاء طلب الرئيس بوش من الملك لقاء عباس وشارون رغبة في استثمار الاجواء الايجابية التي نشأت عن الانسحاب من غزة وللبناء عليها والحفاظ على قوة الدفع التي ولدتها باستئناف فعال للمفاوضات.
انفجار العنف مجدداً لا يلغي مبررات الزيارة لولا ان شارون تجاهل اعلان حماس الهدنة ووقف اطلاق الصواريخ من دون شروط، واعاد التأكيد على توجيهاته للجيش الاسرائيلي باستمرار حملته واستهداف القيادات والكوادر الفلسطينية بالاغتيالات، وهو ما يضع مشروع الزيارة في حرج شديد خصوصاً والمبررات الاسرائيلية لاستمرار الحملة ليس لها معنى سوى الرغبة في الولوغ بالدم الفلسطيني دون رادع.
تلك الرشقة اليتيمة من صواريخ حماس لم تقتل احداً وكل الضحايا وكل الخسائر حتى الان هي من الجانب الفلسطيني فقط, وقد ربطت الكثير من التعليقات استمرار الحملة بالصراع على زعامة الليكود لكن هذه المعركة انحسمت امس وخسر نتنياهو التصويت على تقديم الانتخابات الداخلية الهادفة الى اطاحة شارون, وتربط تعليقات اخرى الحملة برغبة اسرائيل اضعاف حماس قبل الانتخابات الفلسطينية, وهذا عمل غير مقبول مبدئياً واخلاقياً؛ لكن متى كان تدخل اسرائيل ضد طرف الا سببا في ازدياد شعبيته؟!
هناك تحرك دولي لالزام اسرائيل بوقف حملتها الجديدة القذرة على الفلسطينيين، واذا كانت الادارة قد ابدت تفهمها لـ "الرد الاسرائيلي" فان استمراره بعد التزام حماس لا يعود مفهوماً، فهو يمثل خطراً داهماً على بقاء سلطة عباس التي يجمع العالم على دعمها وتقويتها، ويهدد مشاريع دعم إعمار قطاع غزة. وكل ذلك سيتأثر باستمرار الحملة الدموية الاسرائيلية.
على الأرجح أن هناك إجماعا دوليا على ضرورة وقف التصعيد وإنهاء إسرائيل حملتها الدموية، وحينئذ تكون الزيارة في وجهتها تماما لتؤدي ثمارها المنشودة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري