أولاً : نتائج التصنَّع
وعلى عكس نتائج الاحتراف والإتقان ، تأتى نتائج التصنّع ، وهى نتائج طبيعية ، لأسباب التصنع ، التى ذكرناها آنفاً ، ولن نتخلص من التصنع إلا إذا أدركنا هذه النتائج الخطيرة , ويمكننا أن نلخصها في التالى :
1- كثرة الوقوع في الأخطاء : في حق الله ، والنفس ، والناس ، لعدم القناعة بالتصرفات ، وعدم التعبير عن الحقيقة ، والتمثيل في عواطفنا والادّعاء في انفعالاتنا ، وعدم الإفصاح عن سر مشاركتنا مع الغير ، وعدم الشعور بالأهلية للنفع سواء كان ذلك لنا أو لغيرنا .
2- تدنى المعرفة : لأن طريق الحصول على المعرفة بالتواضع والبحث والدراسة واكتساب الخبرات من الآخرين ، وكل ذلك يقوم على الواقعية الذاتية للتعلم والمعرفة ، وإلا فإنه سيظل دائم التدنى ، بعيداً عن الازدياد المعرفى ، وبالتالى تتعرض حياته للكثير من المواقف الفاشلة .
3- إرهاق اقتصادى : فكل المجاملات التى تصاحب التصنّع ، ما هى إلا تكلفة مالية يتكبدها الشخص ، لا تظهر مساؤها إلا عندما يتفاقم الأمر ، أوتحوطه الأزمات ، ولا ينفع الندم في هذه اللحظة ، ولات حين مناص .
4- عدم الاحترام : وهذا من ناحية الآخرين بالنسبة له ، فيالها من لحظات ضاحكة ، ومشاهد كاريكاتيرية تلك التى يجنيها أهل التصنع والزيف من الناس ، ولا أدرى لماذا لا يحسون ؟ ولا يشعرون بقساوتها ، ويبدو أن مشاعرهم من التكرار قد تبلددت فلا يدرون :
إن كنت تدرى فتلك مصيبة وإن كنت لاتدرى فالمصيبة أعظم
5- فقدان الثقة : وهذا أمر طبيعى ، لشعوره بالنقص ، وهذا إحساس داخلى لا يعلمه إلا المتصنع ، فيفقد ثقته بنفسه تماماً ، ويؤكد فقدانه لثقته أنه يعتمد على أسباب خارجية ، أو يحقق مكاسب هو يعلم أنها وهمية وأنه لا يستحقها ، أو أنه يريد أن يحقق نجاحاً وهو دون ذلك بكثير فقد أصدر حكماً على نفسه بالفشل ، إذا تصنّع النجاح أو ادّعى قدرات وعبقرية تؤهله مثل الآخرين للتفوق , وهى ليس كذلك .
6- الفوضى : وذلك لأنه لم ينظم حياته ، والإنسان في كون منظم ، فالنظام سمة الكون من الذرة إلى المجرة ، والمتصنَّع قد خرج عن الحياة ، ولذلك فهو لا يجنى غير الاضطراب والصراع والفوضى والتعب والتعاسة والتوتر ، والأخطر من كل ذلك ضياع الوقت الذي هو إهدار للحياة ، وإن حياة الإنسان العاقل أغلى من أن تضيع في زحمة الفوضي ، فالفوضي عنوان الفشل والضياع .
ثانياً : إلى العلاج
هل بالفعل يستطيع المتصنعون علاج أنفسهم ، والخروج من المأزق الشائك , الذي أوقعوا أنفسهم فيه ؟ وهل يمكن أن يختفي من حياتنا ؟
نعم أولاً وأخيراً بالاستعانة بالله تعالى ، فهو خير معين ، وبتصميم وإرادة قوية من داخلهم يعرّضون بها أنفسهم لعون الله وتوفيقه وسداده .
ووفق هذه الخطوات الخمسة العملية ، نستطيع بعون من الله , الوقاية من الوقوع في التصنّع , أو اجتياز هذا المأزق الأليم إذا وقعنا فيه :
الخطوة الأولى : حسن الاختيار
وهذا يعنى أن تكون لنا شخصية مستقلة ، والاعتقاد بأن هذه الشخصية هى الملائمة لنا تماماً ، ومهما حاولنا تقمص شخصيات أخرى ، فإنها لن تكون بجمال شخصيتنا ، هذه الاستقلالية تجعلنا دائماً في مواطن الاختيار ، لأقوالنا وأعمالنا ومواقفنا ، بل نختار دائماً الأحسن والأفضل والأجمل .
الخطوة الثانية : الممارسة العملية
بدءاً بالثقة بالنفس ، ثم إبراز القدرات والمميزات التى لدينا ، دون النظر لقدرات الآخرين وتقليدها أو تصنعها ، فالذي لدينا ليس لدى الآخرين ، بهذه الممارسة نقطع الطرق أمام لص التصنّع أن يسرق منا مواهبنا وقدراتنا وطاقاتنا .
الخطوة الثالثة : برامج التنمية
الاستزادة الدائمة والتنمية المستمرة ، ونقطة البداية من القناعة والتواضع , لتفتح أمامنا أبواب الطموح والعمل والإتقان والنجاح ، وأعيننا ونحن نمارس برامج التنمية على العمل في الحياة ، وتوظيف التدريب للسلوك ، حتى نمتلك المهارات والخبرات ، فليس كل من تدرب قد امتلك مهارة ، أو اكتسب خبرة في الحياة ، حتى يتحول التدريب إلى سلوك وممارسة وعمل .
الخطوة الرابعة : توريث الخبرات
لاشيء يبعد الإنسان عن كل أسباب التصنع التى تحدثنا عنها ، غير اكتساب الخبرات والمواهب والتجارب والمعارف ، وأن يمارسها في الواقع ، وكل ذلك إنما يسرى في الإنسان لا إرادياً عن طريق الاقتداء بأصحاب الخبرات ، لذلك فخير ما يورث في الوجود هذه الخبرات .
ولكى تورث الخبرات ينصح الخبراء والمتخصصون كل من أراد تحقيق ذلك بالتالي :
1- المشاركة الفعالة في الأعمال : وعدم الخوف من قلة التميز ، وتأمل ابن عباس حينما طلب من تلميذه عطاء أن يفتى , فقال عطاء : كيف وأنت موجود ، فقال ابن عباس : تخطىء وأنا موجود خير من خطئك وأنا غير موجود .
2- التوجية والنصح : وعنده نضمن الاستمرار حيث تتولد الأفكار ، ويتجدد الإبداع ، ولذلك يجب تقديم القيادات الشابة والجديدة , والوثوق بها ، فإن أى شك في قدراتها يعنى قتلها .
3- إحياء لجنة الخبراء : في كل المجالات المعرفية والتربوية والسلوكية ، حتى لا يبدأ كل جديد من الصفر ، أو يجتهد كما يحلو له دون تجرية أو سابق خبرة ، ويعني هذا رتباطه بالخبراء برباط دائم وحر .
الخطوة الخامسة : احترس من كلمات التهاون :
1- مشّي حالك : طنش
الرد : يقول تعالى { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} غافر / 19 .
2- الناس عايزة كده : فين الغلط
الرد : يقول تعالى : { فـأما الـزبد فـيذهب جفـاء وأمـا ما ينـفع الناس فيمكث في الأرض } الرعد / 17 .
3- على قدر فلوسهم – لا تؤاخذني
الرد : يقول تعالى : {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} المائدة / 1 .
4- كل الناس كده - فوّتها
الرد : يقول تعالى : { وكلهم آتيه يوم القيامة فردا } مريم / 95 .
5- مش مهم تعقدها - معلش
الرد : يقول تعالى : { ولـقد خـلقـنا الإنـسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } ق / 16 .
وتـذكر أن النبـى صلى الله عليه وسلم وجـد فرجـة في قـبر ابنه ابـراهيم ، فـقـال صلى الله عليه وسلم :
[ أما إنها لا تنفعه ولا تضره ولكنها تسُرّ عين الناظرين ]
المراجع
odabasham.net
التصانيف
أدب مجتمع