اول من امس، الجمعة، عقد اجتماع ضم ما يزيد على مائة فعالية من مختلف المحافظات، وهو الثالث من نوعه خلال عام، بهدف انشاء تجمع سياسي ديمقراطي واسع. ويبدو ان المجتمعين بدأ ينفد صبرهم بسبب عدم وجود خطوات جديدة فعلية، فصوتوا لصالح عقد مؤتمر تأسيسي يعلن التجمع حزبا خلال ستة أشهر.
أعتقد ان القرار استعجل قليلا بالنظر إلى نوع الهدف المنشود، وهو انشاء تجمع يضم طيفا واسعا من الفعاليات السياسية والاجتماعية والنيابية، اضافة الى مئات الحزبيين السابقين، وأي حزب سياسي يلتقي مع هذا الخط البرنامجي (وليس الايديولوجي والعقائدي)، والذي يمثل التيار الثالث في المجتمع الى جانب التيار الاسلامي والتيار المحافظ التقليدي.
وفكرة التجمع هي من حسنات التوجه نحو الإصلاح والتنمية السياسية؛ فقد شعر مئات من الذين كانوا ذات يوم كوادر في الاحزاب السياسية اليسارية والقومية، وابتعدوا بسبب انهيار قناعتهم بالاطر القديمة ويأسهم من العمل السياسي، شعروا بأن هناك فرصة لبناء شيء جديد مختلف، يستوعب دروس الماضي ويتطلع بمنظور عصري وطني وديمقراطي نحو المستقبل؛ وهم في الاثناء بنوا حياتهم واسرهم، واستقرّوا معيشيا ووظيفيا، وعاد حنينهم لدور في الحياة العامّة.
أعتقد ان نجاح المشروع مرتبط بنجاح مشروع التنمية السياسية، ومن اعمدته قانون جديد للاحزاب وللانتخابات، يقوم على التمويل العام والتمثيل النسبي للقوائم. فهذا سيخلق اساسا ومصلحة وسببا للتلاقي والتضامن في عمل سياسي مشترك، وسيجد نواب حاليون او مشاريع مرشحين دوافع قوّية للمشاركة. بعبارة أخرى، فان شروط النجاح للتجمع تنطبق على العمل السياسي الحزبي والبرلماني عموما. لكن قد تكون للتجمع ميزة التوفر على عدد كبير من الكوادر ذات الخبرة والثقافة السياسية.
ليس عقد مؤتمر تأسيسي للحزب بالامر الملح؛ الاهم هو النجاح في جذب قوى وفعاليات جديدة، وتشكيل قائمة موحدة للانتخابات النيابية، وظهور كتلة نيابية تمثل التيار السياسي. وهناك اتصالات جارية مع التجمع النيابي الديمقراطي ليكون شريكا في التجمع، وربما مع نواب آخرين.
هناك مخاوف مشروعة من ان يفقد مشروع التجمع الزخم الذي بدأ به مع مرور الوقت، لكن توجيه الاهتمام الى مؤتمر تأسيسي في موعد قريب لن يحلّ المشكلة، وأفضل منه توجيه الاهتمام للاتصال مع قوى وفعاليات جديدة، وامتحان القدرة في لقاء وطني على انتخاب هيئات مؤقته للمشروع، دون ان يحدث "حرد" وانشقاقات.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري