هذا تعليق من ايام العيد: إذا كنّا لا نعرف، مواطنين ومسؤولين، اجندة الاسابيع المقبلة، وهي من وزن حلّ البرلمان او تغيير الحكومة، فهل تصدّق اننا سنضع أجندة للسنوات العشر المقبلة؟
كان دوري مساجلة تعليقات من وسط سياسي ونيابي متشائم يصعب معرفة اساس موقفه؛ هل هو الشك في الاجندة الوطنيّة نفسها، أم الشك في توفر المصداقية لتطبيقها؟!
"أنا لا أعطيك تحليلا بل معلومات من قلب دائرة القرار؛ مصير الاجندة تحدد.... انه سلّة المهملات"! هكذا كان الصديق والمسؤول الكبير السابق يقول لي بلهجة قاطعة. واحترمت لهجته القاطعة فلم أشكك بمصادره، بل استندت الى تفسيرات اخرى تجعل هذه النتيجة "المحسومة" غير مؤكّدة ابدا.
لم نصل في دردشات العيد الى نتيجة. ان التضارب، وعلى اعلى المستويات، يثير الحيرة؛ فبينما تنتشر بقوّة مقولة ان مصير الاجندة الوطنيّة هو سلّة المهملات، تروّج بقوّة ايضا حكاية التغييرات الشاملة في الحكومة والبرلمان وبقيّة المواقع ارتباطا بالاجندة الوطنيّة نفسها!
يقال، مثلا، عن حلّ البرلمان انه مرتبط بإخراج قانون انتخابات مؤقت، لأن مجلس النواب الحالي غير مؤهل لحمل الاجندة الوطنية. لكن اوساطا نيابية تتساءل: اذا كانوا لا يحتملون مجلسا كهذا، فهل يحلّونه لجلب مجلس أقوى سياسيا وحزبيا؟!
بهذه التصورات المضطربة، و"المعلومات" المتضاربة نعود من عطلة العيد. واذا وضعنا جانبا الشخصنة والاهواء في الكثير مما يتم تداوله، ففي النهاية نحن امام مسارين او خيارين يحددان حركة الاسابيع المقبلة:
الاول، ينطلق من فرضيّة ان مصير الاجندة تقرر الى سلّة المهملات، وانا في هذه الحالة لا أفهم معنى التغييرات، وما هي وظيفتها، واين مصداقيتها؟ فالمعنى الوحيد لها هو القفز عن استحقاق الاجندة –أي الاصلاح السياسي– بمشاغلة مضخمّة بالمناصب والتغييرات التي ستجدّ من ينظّر لها كبديل لفشل مشروع الاجندة! وهذا احتمال لا أكاد اتصوّره ممكنا لفرط ما فيه من استخفاف بمصداقية الحكم وبالجدّية محليا ودوليا.
الثاني، ينطلق من فرضيّة ان الاجندة الوطنيّة هي البرنامج المعتمد. وهنا لا نقصد تفاصيل المقترحات، بل مشروع الاصلاح السياسي (حاضنة الاصلاحات كلّها) الذي يريد تطوير المشاركة الديمقراطيّة المؤسسيّة للأردنيين. وفي هذه الحالة، تكون التغييرات مرتبطة منطقيا وعقلانيا بمتطلبات المشروع، وانا لا أرى بينها مبررا ملحا لحلّ مجلس النواب الان، اما بالنسبة للتغيير الحكومي -اذا كان مطروحا- فلا معنى ابدا لتغيير يعود مجددا الى تركيبة تكنو-بيروقراطية. ان حكومة سياسية فقط تستطيع ان تعتل مهمّات سياسية.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري