كان العفيف الاخضر يصف في حينه شعار حركة القوميين العرب "دم حديد نار.. وحدة تحرر ثأر" بثورة الشاورما، اما جهاد المجموعات الدينية المتطرفة اليوم فهو مسلخ بشري حقيقي.
فضّلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" ان لا تنشر بعض الصور التي تم التقاطها لرؤوس مفلوقة وأشلاء مترامية، وهي بالطبع على حق، فالمناظر لا تطاق، لكن ربما هناك حكمة في ان يرى الناس ماذا يعني هذا العمل الرهيب.
حوّلت المجموعات المتطرفة فكرة الجهاد الى مسلخ، وفي اليوم التالي لجريمة فنادق عمّان وقع تفجير انتحاري في مطعم عام في بغداد، حصد 35 شخصا! ما شأن مقاومة الاحتلال بمذبحة في مطعم؟
لكنّ كثيرين يعتقدون ان هذه العمليات، التي يستحيل فهمها وقبولها، مشبوهة، ويقولون: انظر الى المستفيد، انه الصهيونية وحلفاؤها. وغالبا، فإن رموز التيار الاسلامي عندنا يميلون إلى الاعتقاد بأن الزرقاوي والقاعدة صورة مضخمة ومفتعلة، ويدينون هذه الاعمال، لكنهم يتجاهلون اتهام وادانة القاعدة والزرقاوي حتى حين تصدر بيانات عن هؤلاء تعلن المسؤولية عن هذه العمليات.
لكن القاعدة لم تعد شبحا، وهذا النمط من العمليات يتكرر في كل مكان، ويُقبض على أفراد وشبكات تمثل جماعات متطرفة معروفة! حسنا، لنقل اننا لا ندري على وجه اليقين اين تنتهي الخيوط الاخيرة وراء مسلخ "الجهاد" هذا، لكن ضحاياه من الانتحاريين لا يفعلون ذلك لتنفيذ مؤامرة، بل لإيمان مطلق بما يفعلون، وحسب البيان الثاني للزرقاوي، فان منفذي تفجيرات عمان كانوا اربعة، لأن احد الانتحاريين الثلاثة اصرّ على اصطحاب زوجته! يريد ان يذهبا معا الى الجنّة!
اينما كانت الخيوط تصل في طرفها الاخير، فإن المحرك المباشر للشباب هو الانحراف بالدين الى هذا المنحى من التطرف التكفيري المرعب، ويجب وضع الاصبع تماما على هذه القضيّة وليس التهرب منها. فتجنيد مئات الشباب لهذه الاعمال يستند الى قاعدة ايديولوجية سياسية متطرفة ومنحرفة عن صحيح الدين. هذا ما يحدث فعلا، وبدل اثارة الشكوك فقط حول الجهات التي تقف وراء هذه الاعمال، هناك واجب حاسم على التيارات والقيادات السياسية الاسلامية التي ترفض الارهاب؛ وهو ان تقوم بمراجعة عميقة لمسؤوليتها في مكافحة فكر التطرف الذي وصل الى مستوى الاجرام، ليس بحق الابرياء المستهدفين فقط، بل بحق هؤلاء الشباب الذين يُرسلون الى هذا الموت البشع.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري