تقلّبنا على حكومتين وعدّة تعديلات قبل ان نصل الى محطّة ستشهد أخيرا خطوات عملية لتطبيق مشروع الإصلاح السياسي.
ليس لدي اجابة واثقة عن سبب التعثّر السابق. ولكن هذه المرّة يبدو الأمر مختلفا؛ فقد وضع كتاب التكليف الحكومة الجديدة قيد التشكيل امام مطلب محدد لا يحتمل التأويل او التأجيل وهو "اعداد جملة قوانين بشكل سريع وعاجل وهي قانون جديد للانتخاب وآخر للأحزاب وثالث للبلديات".
وهذا التكليف الواضح والمحدد يستند الى حقيقة ان "الاصلاح لم يعد خيارا فقط بل هو ضرورة حياتية للأردن الجديد الذي نريد"، وفي هذا السياق وضع كتاب التكليف مخرجات لجنتي الأجندة والأقاليم في موضعهما الصحيح "هاديا ومرشدا للحكومة للاستناد اليها في تبنّي برنامج الإصلاح الشامل اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا".
مهمّات هذه الحكومة ليست تقليدية ابدا؛ اذ عليها قيادة عملية سياسية داخلية لم تضطلع بها اي حكومة سابقة منذ عام 1993. وهذا النوع من المهمّات يفترض تشكيلا يزاوج بين البعد الأمني والاقتصادي والسياسي ويملك الإرادة والقدرة والرؤية لإدارة المشروع الإصلاحي الطموح.
مركز التأثير والقرار الذي انعكس على طبيعة تشكيل الحكومتين السابقتين انتقل وتغيّر بصورة كاملة مؤخرا ومن المرجح ان ينعكس على تشكيلة الحكومة الجديدة كما انعكس على تشكيلة الأعيان.
الشباب "الاقتصاديون الجدد" في التشكيلات السابقة ظهروا كنقطة ضعف في مشروع الإصلاح السياسي، وأحاطت بهم الريبة والشكوك من كل جانب، ومن المرجح ان الخريطة الجديدة لمفاصل القرار ستجد مقاومة أقلّ وسترى بها الكثير من الأوساط التي تخوفت سابقا من الإصلاح الضمانة والموثوقية لمشروع اصلاحي وطني خال من الشبهات. وهكذا فإن المشروع الذي تم ترحيله مرارا قد يكون وجد اخيرا اداة التنفيذ القادرة والملائمة.
أمام هذه الحكومة درس هفوات الحكومتين السابقتين فيما يتّصل بالتمثيل المناطقي والجغرافي. والحكومة معنيّة طبعا بالكفاءة والخبرة خصوصا في الحقائب الخدميّة والاقتصادية، ويجب ان تكون معنيّة ايضا بالتلوين السياسي, وليس صعبا ابدا توفير هذه العناصر مجتمعة اذا توفر العزم والإرادة في مواجهة الضغوط التقليدية المعروفة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري