على فترات متقطّعة اثيرت فكرة استحداث منصب مراقب الدولة، لكنها كانت تختلط احيانا مع افكار اخرى مثل مشروع ديوان المظالم الذي قطع شوطا واستعين فيه بخبرة دنماركية.
مع ذلك يحدث دائما ما يعيدنا الى فكرة مراقب الدولة. خذ مثلا احالة موظف كبير على التقاعد ثمّ اعادة تعيينه فورا وللوظيفة نفسها بعقد يفوق راتبه بمرتين. لم تكن الحكومة قد خرجت على القانون بهذا العمل، اذ يحق لها احالة موظف على التقاعد، ويحق لها تعيين موظف بعقد، لكن هناك علامة استفهام حول دوافع هذا السلوك ومشروعيته الذي قد يمثل استغلالا للصلاحيات التي يتيحها القانون.
مثل هذه الحالة ومئات غيرها تستوجب وجود جهة مستقلّة مختصّة بمراقبة القرارات استنادا الى مدوّنة سلوك تضبط الاستخدام غير المشروع او غير النزيه للسلطات. هناك حاجة لمنصب كهذا بعد ضبط صلته وتداخله مع وظيفة دوائر اخرى مثل وزارة المالية وديوان المحاسبة وديوان الرقابة والتفتيش ووزارة مراقبة الاداء الحكومي، وأخيرا ديوان المظالم اذا تقرر انشاؤه.
وهذا المنصب يجب ان يمتلك السلطة المعنويّة والمادّية الضرورية لممارسة مهامه، ولذلك من الافضل ان يكون صاحبه من الذين وصلوا الى مناصب عليا في القضاء، وأن يكون تعيينه بتنسيب من المجلس القضائي الاعلى، وبتصويت من مجلس النواب ليأخذ استقلاله الكامل عن الحكومة.
ويمكن على كل حال دراسة نماذج دول اخرى وأقرب نموذج هو في اسرائيل حيث عمل رئيس حكومتنا الحالي سفيرا.
مكافحة الفساد يقف على رأس جدول اعمال هذه الحكومة، وقد كان دائما على رأس جدول اعمال كل حكومة، لكن المشكلة ان الارادة والنوايا نادرا ما اقترنت بخطوات قوية ومقنعة، ومنها مثلا تقييد الوزراء وكبار المسؤولين بمدوّنة سلوك وآلية صارمة للمراقبة والمحاسبة على الالتزام بها.
من ميزات الرئيس الجديد انه لا يملك ايّة اجندة شخصيّة، وليس له شلّة او وسط خاص به، صلاته واسعة للغاية لكن من دون غايات خاصّة. وهو فوق ذلك لا يدير ايّة مصلحة او بزنس، وقد أظهر دائما التزاما ومثابرة وانقطاعا للعمل الذي كلّف به. وبهذه المواصفات نأمل ان يضفي على العمل الحكومي معاني الانضباط والاستقامة والشفافية من خلال الانظمة والقوانين والضوابط الضرورية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري