قال ابن الأثير الجزري في كتابه المعروف بـ" المثل السائر " في النوع الحادي والعشرون في تعريف الأحاجي - أي الألغاز - : " وهي الأغاليط من الكلام وتسمى الألغاز جمع لغز وهو الطريق الذي يلتوي ويُشكل على سالكه وقيل جمع لَغز بفتح اللام وهو ميلك بالشيء عن وجهه وقد يسمى هذا النوع أيضاً المُعَمَّى وهو يشتبه بالكناية تارة وبالتعريض أخرى ويشتبه أيضاً بالمغالطات المعنوية .. " .
وقال أيضاً الدكتور طبانه في كتابه " معجم البلاغة " عن الألغاز : " اللغز من أللغز اليربوع ولغز إذا حفر لنفسه مستقيماً ثم أخذ يمنة ويسرة ليعمي بذلك على طالبه والفائدة من ذلك في العلوم الدنيوية رياضة الفكر في تصحيح المعاني وإخراجها من المناقضة والفساد إلى معنى الصواب والحق وقدح الفطنة في ذلك واستنجاد الرأي في استخراجه وذلك في قول الشاعر :
رُب ثورٍ رأيت في جُحر نملٍ               هار في ليلة ظلماءُ
فالثور هاهنا القطعة من الأقط والنهار فرخ الحُبارى فإذا اسُتخرج هذا صح المعنى " .
ومن أجمل الألغاز التي تُروى[1] عن العرب في الجاهلية قبل الإسلام ما جاء في " ديوان امرؤ القيس بن حُجر الكِنديّ " - صاحب المعلقة - أن عبيد بن الأبرص لقي امرؤ القيس فقال له : " كيف معرفتك بالأوابد؟[2] " فقال امرؤ القيس : " قل ما شئت تجدني كما أحببت " فقال عبيد بن الأبرص مُلغزاً :
ما حيّةٌ ميتةٌ قامت بميِتتِها           داءُ ما أنبتتْ سناً وأضراسا ؟[3]
فقال امرؤ القيس :
تلك الشعيرةُ تُسقى في سنابلها               خرجتْ بعد طول المُكث أكداسا
فقال عبيد :
ما السُّودُ والبيضُ والأسماءُ واحدةٌ            يستطيعُ لهُنّ النّاسُ تَمسَاسَا ؟[4]
فقال امرؤ القيس :
تلك السحابُ إذا الرّحمانُ أرسلها            ّى بها من مُحول الأرضِ أيْبَاسَا
فقال عبيد :
ما مُرتجاتٌ على هَولٍ مراكِبُها              طعنَ طولَ المدى سَيراً وَإمرَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ النّجُومُ إذا حانَتْ مَطالِعُهَا               بّهتُهَا في سَوَادِ اللّيلِ أقبَاسَا[5]
قال عبيد بن الأبرص :
ما القَاطِعاتُ لأرضٍ لا أنيس بها            تي سِراعاً وما تَرجِعنَ أنْكاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تلك الرّياحُ إذا هَبّتْ عَوَاصِفُها              ى بأذيالهَا للتُّربِ كنّاسَا
فقال عبيد :
ما الفَاجِعاتُ جَهَاراً في عَلانِيَةٍ               دُّ من فَيْلَقٍ مَملُوءةٍ بَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ المَنايَا فَمَا يُبقِينَ مِنْ أحدٍ                كفِتنَ حمقَى وما يُبقينَ أكيَاسَا
فقال عبيد :
مَا السّابِقَاتُ سِرَاعَ الطَّيرِ في مَهَلٍ            يَشتَكينَ وَلَو ألجَمتَها فَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الجِيادُ عليَها القَومُ قد سبحوا            نوا لهُنّ غَدَاةَ الرَّوْعِ أحلاسَا[6]
فقال عبيد :
مَا القَاطِعَاتُ لأرْضِ الجَوّ في طَلَقٍ          ل الصّباحِ وَما يَسرِينَ قِرْطَاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الأمَانيُّ يَترُكنَ الفَتى مَلِكاً               ونَ السّمَاءِ وَلم تَرْفَعْ لَه رَاسَا
فقال عبيد :
مَا الحاكمُونَ بلا سَمْعٍ وَلا بَصَرٍ             ا لِسَانٍ فَصِيحٍ يُعْجِبُ النّاسَا ؟
فقال امرؤ القيس :
تِلكَ الموَازِينُ وَالرّحْمَانُ أنْزَلهَا              بُّ البَرِيّةِ بَينَ النّاسِ مِقيَاسَا

المراجع

saaid.net

التصانيف

أدب  مجتمع