يوجد الان إجماع حزبي وسياسي على إدخال صيغة التمثيل النسبي للقوائم لتطوير قانون الانتخابات في الأردن. وقد اعتمدت لجنة الأجندة الوطنية مبدأ النظام المختلط الذي يجمع بين الآلية القديمة (التمثيل الفردي للدوائر) والآلية الجديدة (التمثيل النسبي للقوائم) لتجمع بذلك ميزات الصيغتين كما هو معمول به في عدّة بلدان.
نسمع اعتراضات مختلفة على هذه الصيغة، لكن البعض يصل لاعتبار التمثيل النسبي الانتخابي غير دستوري وهو الرأي الذي أعلنه نقيب المحامين! ولا بأس أن يجتهد من شاء في هذا الشأن، لكن فتوى نقيب المحامين بـ"عدم دستورية" التمثيل النسبي متعجلة قليلا خصوصا وأنه يشغل موقعا تمثيليا له قيمة عالية مزدوجة نقابية وقانونية تتطلب حذرا أكثر في الانحياز ضد صيغة تحظى بدرجة عالية من التوافق بما في ذلك من قانونيين ومحامين.
لكن ما هي حكاية الاعتراض "الدستوري" على نظام التمثيل النسبي الانتخابي؟ الشيء الوحيد الذي قرأته على لسان الاستاذ العرموطي هو أن الدستور ينص على الانتخاب المباشر لمجلس النواب.
كل من لديه بعض الإلمام السياسي يعرف السياق التاريخي لتعبير "الانتخاب المباشر"؛ فالمقصود أن المواطنين ينتخبون ممثليهم مباشرة للبرلمان وليس على درجات. والانتخاب المباشر كان مطلب الشعب في بداية عصر الديمقراطية. في الانتخاب غير المباشر ينتخب المواطنون ممثلين يقومون بدورهم بانتخاب أعضاء البرلمان. وكما هو معلوم فإن الأنظمة الشمولية (النظام السوفييتي مثلا) كانت تقوم على انتخابات من مستويات عدة، فالمجالس المحلية تنتخب مجالس المنطقة التي تنتخب بدورها مجالس الولايات التي تنتخب بدورها المجلس الوطني. وتعتبر صيغ الانتخاب غير المباشر مذمومة ديمقراطيا لأنها تتيح هيمنة السلطة عبر المحطّات المختلفة والأصح أن يكون الانتخاب على درجة واحدة، من الشعب مباشرة للبرلمان الوطني.
ونظام التمثيل النسبي هو كذلك. فالانتخاب يتم مباشرة للبرلمان الوطني، وهناك أكثر من مائتي نظام انتخابي كلها تقوم على الانتخاب المباشر وفق آليات مختلفة منها مثلا النظام البريطاني والنظام الفرنسي والنظام البلجيكي، وهي أمّهات الأنظمة الانتخابية الأساسية التي يتفرع عنها عدد واسع من الأنظمة. وكل الدساتير تنصّ على الانتخاب المباشر بما في ذلك أنظمة الدول التي تأخذ بأسلوب التمثيل النسبي للقوائم.
إذا كان نظام التمثيل النسبي الانتخابي لا يعجب البعض فليقل ذلك وليشرح أسبابه، لكن لا حاجة أن يشهر في وجهنا حجة عدم الدستورية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري