كنت أتمنى لو أتيح لي حضور جلسة النواب الاثنين الماضي لأفهم ما حصل بالنسبة للنظام الداخلي، لكنني في الخارج، وقرأت على الانترنت شيئا يفرح وآخر يفسد الفرحة.
أبدأ بما يسرّ وهو تشكيل المجلس لجانا جديدة ضرورية من بينها لجنة "الأمن والدفاع" ولي مع هذه اللجنة قصّة. فقبل ايام من الانتخابات النيابية 2003 اقترحت ان يقوم المجلس الجديد بتشكيل لجنة أمن وطني على غرار ما هو موجود في الديمقراطيات كلها، فممثلو الشعب شركاء في أمن الوطن. وقد فاجأتني بل وصدمتني ردّة الفعل الغاضبة وغير المبررة لمدير المخابرات في ذلك الوقت، فالمقال ظهر بعد قضيّة الفريق سميح البطيخي وكنت أرى الاقتراح منطقيا جدا وعاقلا جدا فلا يوجد من هو فوق المساءلة، وهذا أقلّ ما يمكن استنتاجه واقتراحه أمام الرأي العام بعد تلك القضية. وانتابني قلق وانقباض شديدان مع احساسي أنّ الأمور ليست على ما يرام! وعدت لطرح القضيّة والتذكير بالاقتراح حين حدث جدل سياسي حول الإصلاح ومضامينه وأظهر النواب غضبة مضريّة دفاعا عن جهاز المخابرات وقلت هل من هؤلاء الغيّورين على أمن الوطن وأجهزته نخشى الرقابة والمساءلة؟!
الآن يجد الاقتراح طريقه إلى التنفيذ كما هو طبيعي ومنطقي أن يحدث، فلا يصح الا الصحيح ولو بعد حين، وليس لمن يقومون بواجبهم الوطني أن يخشوا الشراكة وقبول المسؤولية عن الأداء امام ممثلي الشعب.
أمّا الشيء الذي لم أفهمه فهو مناوأة المجلس لمأسسة الكتل وتعزيز دورها ومكانتها، وإنه لشيء محبط بعد سنوات من الحوار أن تعود التغييرات في النظام الداخلي للمجلس إلى نقطة الصفر لدرجة إلغاء بند ينصّ على التمثيل النسبي للكتل في اللجان، وهو ليس اقتراحا حضاريا فحسب، بل وسيلة قوية لمأسسة الكتل وتعزيز دورها كما انه يختصر الكثير من الوقت.
واذا كنا سنمنع إعادة الحوار في المجلس حول ما نوقش في اللجان، فكيف يؤدّي بقية النواب دورهم؟ لن يذهب جميعهم إلى كل اللجان للمناقشة، والصحيح أن يكون لكل كتلة مندوبون في اللجان، فيضعون كتلتهم بصورة ما يحدث ويتناقشون حول المطروح ويقررون الموقف، وهكذا يكون كل الأعضاء تحت القبّة على اطلاع تام ومسبق بكل شيء ويصبح منطقيا اللجوء إلى التصويت مباشرة.
لماذا التملص من دور حقيقي للتجمعات النيابية، هل هناك مصالح لأقطاب داخل المجلس ضد المأسسة وتقوية الكتل، أم ان هناك روحا فرديّة متأصلة عند الأغلبية، أم ان المناوأة لمأسسة الكتل تخفي مناوأة أبعد للتنمية السياسية؟ لا أدري ولا أريد الاستعجال بأية استنتاجات، لكن ما حدث ليس مريحا بأي حال.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري