كيف يمكن للمعارضة ان تكون معارضة اذا لم تعارض في مناسبة مثل زيادة الأسعار على المواطنين. اين تذهب المعارضة بوجهها من الناس اذا مررت مناسبة كهذه دون عمل شيء؟! والمعارضة حتى لو كانت في داخلها مقتنعة بأن قرار الرفع لا بدّ منه، فالمسألة لا تتصل بالقناعات بل بالأدوار، وليست وظيفة المعارضة تفهّم وتبرير القرارات الحكومية وعلى كل حل يعود لها ان تقرر ذلك.
محافظ العاصمة لا يقبل أبدا طلبا لمسيرة أو اعتصام، حتى لو كان اعتصاما تقليديا أمام مجلس النواب نعرف ان من يأتون اليه، كالعادة، هم بضعة عشرات من القيادات والكوادر لساعتين ينصرفون بعدها راشدين!
أين هذا من المظاهرات والمسيرات في فرنسا احتجاجا على قانون "العمل الأول" الجديد والتي لم يفكر أحد انها تهدد الأمن فهي فقط ربما، نقول ربما، تؤثر على موقع رئيس الوزراء دوفيليبان الذي ما زال يصرّ على دعم المشروع رغم تخلي اوساط من نواب الحزب عنه.
أمس كان هناك حالة استنفار وتوتر حكومي خشية وقوع شيء، ونفهم أن اي مسؤول لا يستطيع ان ينزع من خياله احتمال استغلال البعض مثل هذه الفعاليات للقيام بتصرفات غير مشروعة. ومن واجب الحكومة أخذ الاحتياطات ضد اي انزلاق نحو العنف، لكن منع كل أشكال التعبير الأكثر مرونة وتسييسا ليس معقولا ايضا ولا يضمن عدم بروز اشكال أخرى أكثر انفلاتا، وبالمناسبة فإن ردّات الفعل الأكثر عنفا في الشارع لم تكن في اي مرّة بتدبير سياسي- حزبي، ثم أنه ليس معقولا أن تخرج الصحافة دون تعليقات معارضة في بلد نقول فيه إنّ الصحافة حرّة.
شخصيا كنت أبديت قناعاتي الضميرية بأن الرفع لا مناص منه ويحتاج بالمقابل الى سياسات جذرية لإعادة تدوير عوائد التنمية بصورة أكثر عدالة، لكن افترض ان يكون هناك من يتخذ أكثر أشكال المعارضة حسما للقرار ويجب ان يتمكن من التعبير عن هذا الموقف، فالديمقراطية ليست للأوقات المريحة فقط.   

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري