يبدو ان الوزارة الوحيدة التي انعكست عليها حال ميزانية الدولة لهذا العام ومديونيتها، وبسرعة عجيبة، هي وزارة الثقافة، فسارعت الأخيرة في القيام باجراءات تقشفية لا تصدق. بحيث ذهب وكيل وزارة الثقافة في جولة على مكاتب الوزارة متفقداً أجهزة التكييف في كل مكتب، وبعد هذه الجولة تم تداول اقتراح مع الموظفين ينص على اقتطاع مبالغ لا تتعدى العشرة دنانير، وذلك كمساعدة من موظفين الوزارة في تسديد فاتورة الكهرباء الشهرية الخاصة بالوزارة

والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تم تداول اقتراح بسحب «كولارات» الماء البارد من أروقة الوزارة. تحت مقولة انه يمكن للموظف ان يحضر الماء البارد من بيته

إن هذا الاستبسال التقشفي عند وزارة الثقافة يدلل على أن هذه الوزارة على أهميتها الحضارية، باتت تعامل في كل دورة موازنة سنوية، بنوع من المنّة والاهمال، وبالطبع فان المبلغ الذي يخصص لوزارة الثقافة في كل عام هو مبلغ لا يكفي بالكاد لتغطية النشاطات السنوية التي التزمت بها وزارة الثقافة عبر تاريخها. ومن يتاح له دخول الدائرة المالية في وزارة الثقافة سوف يلتقي بعدد هائل من المثقفين الاردنيين الذين تحولوا بالفعل الى متسولين وهم يطاردون المكافأة المتواضعة في الطوابق الاربعة للوزارة. هذا عداك عن عدم معرفة موظف الوزارة الذي هو فقط موظف بالقيمة الاعتبارية لهذا الكاتب أو ذاك.

ان الاسلوب الذي تمارسه الحكومات الاردنية على وزارة الثقافة من حيث تقزيم ميزانيتها في نهاية كل عام، وصرف ميزانية لها بالكاد تغطي رواتب موظفي الوزارة، ترسم في أفقنا الاردني شارة تعجب بحجم الوطن، اذ لا يعقل ان تعامل الثقافة التي هي الواجهة الحضارية للدولة بهذا التقزيم المالي الذي يربك الوزير وموظفيه والمثقفين عموماً.

لا والأعتى من ذلك أن الوزارة وامام هذا الفقر المدقع الذي تعاني منه، تستعد لاطلاق فضائية ثقافية، بدأت تروج لافتتاحها منذ شهر تقريباً. من جانبنا ندعم هذا الطموح بكل ما نملك من ارادة، ولكن السؤال المُلّح كيف يمكن أن تموّل هذه الفضائية، ومن أين؟؟

سؤال بل اسئلة تظل برسم الاجابة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور