يتكرر مع لبنان ما حصل في غزّة  فقد أدخل كل طرف إصبعه في ملزمة الآخر وأصبح الموقف بلا مخرج!
الأسير الإسرائيلي في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي صيد ثمين يبادل بمئات أمثاله؛ فماذا عدا مما بدا؟!
الذي حصل ان هذا اول رهينة يحجز في الداخل الفلسطيني حيث الأرض وأهلها هم رهائن عند الاسرائيليين الذين يستطيعون الضغط ما شاؤوا على خصمهم الذي يحيطون به بقوّة كبرى كما تحيط القوات المسلحة بنزلاء سجن مسلحين بالعصي ويحتجزون شرطيا في واحدة من زنازينهم. بعد ذلك فالنزلاء ليسوا مجرمين ولا زرقاويين، إنهم سياسيون يحرصون على حياة الرهينة اكثر من حرصهم على حياتهم. وهكذا انتبهت اسرائيل للفرصة المتاحة بكل ما تقدر عليه من لؤم لجعل الفلسطينيين رهينة وضع تتمكن فيه من جلدهم بلا رحمة وليس لديهم من مخرج سوى الموقف المذل باطلاق سراح الرهينة بلا قيد ولا شرط،  وهو ما لا يستطيعونه، فيما كان هنيّة يحاول انقاذ الموقف بأن يكون الحل على الأقلّ "تفاوضيا" دون افتراض اية شروط محددة.
نخشى ان حزب الله يكرر السيناريو نفسه، فهو لن يقتل الرهائن واسرائيل لا تستعجل اطلاق سراحهم، اذ يمكن ان تفعل ذلك في وقت ما، لكن الآن لديها الفرصة للتصعيد الى ارتفاع لا سقف له، ليس فقط بالممارسة النازية الجديدة بتدفيع المدنيين والبنيّة التحتية الأهلية ثمنا "مؤلما جدا"، وفق تعبير اولمرت، لما يقوم به المقاتلون، بل ايضا توسيع الدائرة اقليميا لتشمل ربما سورية وايران.
يملك حزب الله تسليحا افضل من الفلسطينيين وقد أهان الجيش الاسرائيلي الذي لم يتمكن من سحب جثث مجموعة من جنوده دخلت الحدود بعد عملية اسر جنديين وقتل آخرين، وصواريخ الحزب فعّالة ومؤذية للمدن والقرى الشمالية، لكن القدرة التدميرية الإسرائيلية لا حدود لها ما دامت مستعدّة لأن تطال كل البنيّة التحتية اللبنانية اضافة لحزب الله ومواقعه، ويبدو ان القيادة الإسرائيلية جاهزة لممارسة هذا الابتزاز المرعب الذي لا يحدّ منه سوى تدخل وضغوط القوى الدولية.
استمعنا الى تحليلات كثيرة تفترض ايضا ان اسرائيل في مأزق وانها تتخبط سياسيا بقيادة رجل بلا خبرة عسكرية  يخضع لما يريده الجنرالات، وهذا صحيح، بصورة ما، لكن جوهر المأزق الإسرائيلي هو ان هجومها سينتهي الى الوضع نفسه الذي نحن فيه، اي اللاّحل.
هي اذن، ومهما كبرت، جولة جديدة تنتهي فقط بأن يعدّ كل طرف خسائره، ومن حيث حجم الخسائر عند كل طرف فأنا لست متفائلا.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري