شاركت أول من امس في ورشة عمل بدعوة من مركزي القدس والأردن الجديد للدراسات حول "وحدة التيار الديمقراطي الاردني.. الفرص والتحديات"، ومناسبة الورشة هي عودة المحاولات مجددا للبحث عن مشروع تجمع سياسي ديمقراطي عريض.
باستثناء عدد يقل عن اصابع اليد الواحدة فإن الحضور جميعا، وعددهم حوالي 130 مشاركا، وافقوا في نهاية الورشة على نص نداء يبدأ بالعبارة التالية: "استجابة لحاجة وطننا ومجتمعنا لتنظيم المشاركة السياسية الوطنية وتفعيل دور الشعب في صنع القرار، فإن الموقعين على هذا البيان يشاركون ويدعون كل المهتمين من ابناء شعبنا للمشاركة في اطار سياسي ديمقراطي وطني موحد".
بالنسبة لي فإنّ نصّ البيان الذي تمّ تلاوته يمكن ان يوقع عليه نصف الشعب الاردني، لكن المشكلة ليست هنا بالطبع. وإذا جئنا الى اللون السياسي الذي يوحي به البيان، في ما وراء النصوص، فهو يتموضع في موقع يسار الوسط، ويفترض ان يغطّي طيفا واسعا يمكن ان يجعل منه قوّة ثالثة في البلد، لكن المشكلة ليست هنا ايضا فكل التلاوين السياسية مهما كانت باستثناء التيار الإسلامي ما زالت لم تمتلئ بقاعدتها المفترضة. اذن هي ازمة الإقبال على المشاركة السياسية.
التوق للمشاركة موجود بدليل ان ثمة تزاحما دائما حيثما توجد دعوات للقاءات او هيئات يعتقد الناس انها تضعهم في موقع قريب من دوائر القرار وهي في العادة تلك التي يبادر لها اصحاب القرار. ولقد شارك في ملتقى "كلنا الأردن" على البحر الميت أكثر من سبعمائة فعالية، واعتقد ان اضعافهم كانوا محبطين لأنهم لم يشاركوا.
لقد وجهت الدعوة لورشة الأول من أمس الى ما يزيد عن دزينة ونصف من النواب كما علمت فحضر واحد. من الواضح ان النواب يشعرون بالاكتفاء فهم موجودون ويشاركون فما حاجتهم للجري وراء اطار سياسي لتحقيق المشاركة.
لكن من الواضح ان النيابة لم تحلّ مشكلة المشاركة العامّة ويلجأ اصحاب القرار الى صيغ لجان وهيئات من حين لآخر تبحث في جداول أعمال واولويات وطنية لمعالجة قضيّة المشاركة في القرار على غرار لجنة الميثاق والأردن اولا والأجندة الوطنية والآن "كلنا الأردن" تعويضا عن غياب القنوات الأصيلة وهي الأحزاب السياسية.
توفر احزاب سياسية برلمانية رئيسية تتداول على السلطة التنفيذية يحلّ مأزق المشاركة السياسية وينهي خلط الأدوار الحاصل حاليا، وهذا لا يلغي اشكال المشاركة الأخرى التي تصبح من طبيعة مختلفة كما هو حال جماعات الضغط او مراكز الدراسات او منظمات المجتمع المدني وسواها.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري