لم يكن مستوى الحوار هنا أدنى مما كان لدى الكبار اطلاقا.
اشهد على ذلك وقد ادرت امس الحوار حول مكافحة الفساد، وهو أحد المحاور المطروحة على جدول اعمال ملتقى شباب كلّنا الأردن.
كما هو معلوم، فقد انعقد لقاء وطني تحت هذا الشعار بمشاركة وطنية تمثيلية واسعة شملت الحكومة والأعيان والنواب ورؤساء البلديات والنقابات والاحزاب ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، ومن المفهوم ان هؤلاء غالبا ممن تجاوزوا سنّ الشباب، ولذلك كانت رغبة الملك الشخصيّة بأن يخصص لقاء مماثل للشباب وبنفس سعة التمثيل.
لعله أول لقاء من نوعه بهذا الاتساع؛ فقد شارك 770 شابّا وفتاة يمثلون مجالس الطلبة المنتخبة في الجامعات وأوائل الطلبة ونشطاء البرامج والهيئات الشبابية خارج الجامعات. قد تكون هناك اعتراضات او احتجاجات هنا وهناك من شباب لم تشملهم المشاركة، لكن واقعيا هناك دائما سقف، ومن الصعب تخيل اجتماع يدخل في حوار يشمل أكثر من هذا العدد، والمهم ان المشاركة لن يترتب عليها اي امتيازات سوى ان يكون صوت الشباب من كل التلاوين والفئات والمستويات الاجتماعية موجودا.
سبق ان عقد تحت الرعاية الملكية مؤتمران للشباب (ملتقى شباب الأردن) خلال السنوات الماضية، وكانت الاحتجاجات اشدّ في حينه على آلية الاختيار، ما دفع جلالته للتوصية بآليات تضمن تمثيلا عادلا وحقيقيا. وفي هذه المناسبة بدت الآلية معقولة، حتى لو لم تكن مثالية.
وحسب الترتيب المقرر صوّت الشباب على الأولويات التي يقترحونها للحوار، فحاز محور مكافحة الفساد على المكان الاول، وكانت مفاجأة طيبة تبشر بالخير اذ نرى قضايا النزاهة والشفافية والاستقامة في العمل هاجسا بارزا في اذهان الشباب، بالتأكيد لم تكن الواسطة والمحسوبية والمحاباة بعيدة عن ذهنهم، وهم يركّزون على هذا المحورالذي تشرفت بادارته. وفي قاعة تغصّ بالحضور رأيت نقاشا ناضجا ومتقدما حول توصيف الظاهرة وتجلياتها وكذلك جذورها وسبل مواجهتها. واتوقع ان يتابع الشباب اليوم النقاش مع تركيز على المقترحات، وأول الغيث، كما رأيت أمس، مبادرة تحت اسم "شباب ضد الفساد" بدأت بالفعل.
يمكن ان يخرج الملتقى بافضل التوصيات، لكن كالعادة فالعبرة في المتابعة، والحلقة المركزية في المتابعة هي الآلية التي ستتوفر للمشاركة الشبابية بعد الملتقى، آلية تتصف بالفعالية والمشاركة الديمقراطية الواسعة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري