تقرير بيكر-هاملتون هو بمثابة الحكم الاخير على مغامرة كبرى قسمت اميركا والعالم، وكانت نتيجتها كارثة سياسية واقتصادية وانسانية.
من يحاسب بوش وفريقه على ما جنت ايديهم؟! لا أحد، هو حكم للتاريخ فقط، أمّا مغامرة صدّام في الكويت فقد عوقب عليها النظام، ومعه الشعب العراقي كلّه 13 عاما من الحصار الشامل، ثم اطاحة النظام نفسه، واستباحة البلد وتحويله الى ساحة مفتوحة للنهب والتدمير والعنف الدموي المفتوح على مستقبل أشدّ رعبا.
وصف بوش التقرير بالقسوة، لكن التقرير قدّم ارقاما اساسية تلخص قتامة الصورة: تكاليف تصل الى تريليون دولار، سرقة نفط بمعدل مليار دولار شهريا، فيما بلغ معدّل الهجمات في الشهر الماضي (تشرين الثاني) على القوّات الأميركية 180 هجمة يوميا، مقارنة مع 70 هجمة يوميا بداية هذا العام. أمّا الهجمات على المدنيين، فتضاعفت اربع مرّات عن بداية العام. والميليشيات تعمل ايضا من داخل قوّات الأمن في ممارسة العنف الطائفي. والتقرير، من دون حاجة إلى كثير من التفاصيل المرعبة، يقدم صورة تقول كل شيء عن فشل كارثي.
في وضع كهذا، ليس لدى التقرير وصفة سحرية للإنقاذ، فهو يقدم مقترحات بديلة للسياسة الحالية، تتيح الانسحاب من دون ضمانات لمستقبل العراق. ومن المقترحات البارزة اشراك سورية وإيران في المباحثات.
انتهى دور صقور المحافظين الجدد، وأقرّ رامسفيلد وهو يغادر بالفشل، ولحقه جون بولتون، مندوب أميركا لدى الأمم المتحدّة. وقدّ أقرّ وزير الدفاع الجديد حرفيا بأن الولايات المتحدّة لا تحقق نصرا، وكذلك فعل بلير. وتعبير "النصر" الذي يستخدمه بوش هو أصلا على درجة من السخف بالنسبة إلى طبيعة المشكلة القائمة، والأصح التحدث عن فشل أو نجاح قياسا إلى أهداف معلنة، والفشل تقرر قياسا إلى أهداف سابقة، فما هي الاستراتيجية الجديدة وأهدافها؟ الرئيس يريد مهلة لدراسة التقرير الى جانب توصيات وتقارير من جهات اخرى في الجيش والادارة.
تقرير بيكر-هاملتون يعطي اشارة إلى محتوى استراتيجي جديد، وهو التطلع الى خطة سلام كاملة على الجبهات كافة، وخصوصا على صعيد النزاع العربي الاسرائيلي، لكن هل يقوى بوش على استدارة كاملة في الاستراتيجية والأهداف؟

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري