خبران مهمّان مع تواضع فحواهما ، ولكنهما يُشيران إلى إمكانية العمل والتأثير ولو على المدى الطويل ؛ بثتهما وكالات الأنباء في 17/2/2009م .
الأول طلب الحكومة الأردنية من قادة الكيان النازي اليهودي الغاصب في فلسطين المحتلة عدم زيارة الأردن ، لأنهم سيكونون مطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني في غزة . كان رئيس مجلس النواب ومعه مجموعة من الأعضاء قد قرروا الذهاب إلى لاهاى لمقابلة رئيس المحكمة الجنائية الدولية ، وتقديم طلب للتحقيق مع مجرمي الحرب النازيين اليهود في فلسطين المحتلة ومحاكمتهم ؛ ويفكر القتلة اليهود كيف سيحضرون مؤتمر دافوس المقرر عقده في عمان في مايو القادم.
الخطوة الأردنية عمل جيد ، سيفتح الباب أمام آخرين ، لفعل الشيء نفسه ، وبذا يمكن تحريم العواصم العربية على القتلة النازيين اليهود وعدم تمكينهم من تلويث أرضنا العربية الطاهرة بالخطو فوقها ومغايظة العرب والمسلمين .
الخبر الثاني ، هو إعلان بعض الجهات المسئولة فى الدنمارك أن المقاطعة العربية والإسلامية للسلع الدنماركية ، ألحقت بالاقتصاد الدنماركى خسائر تقدر على الأقل بملياري يورو ، فضلاً عن تصفية بعض المصانع والشركات ، وهو ما يرد على بعض المنتسبين إلى حقل الدعوة الإسلامية الذين رأوا فى المقاطعة عملا غير مجد ، واتهموا غيرهم أنهم أول من خرق المقاطعة ليسوّغوا موقفهم المريب !
الخبران يمثلان حركة فى الاتجاه الإيجابي الصحيح لمعاقبة القتلة النازيين اليهود وداعميهم ؛ في الغرب الاستعماري المتعصب ضد أمة الإسلام ، فى ظل العجز العربي الرسمي عن العمل والفعل ، تواطؤا أو خوفا أو حرصاً على مصالح شخصية .
ولا شك أن المقاطعة للعدو عمل مشروع وطبيعي ، لم يخترعه العرب والمسلمون ، ولكن الآخرين هم الذين اخترعوه وطبقوه ونفذوه بكل قوة وصرامة . الأمريكان وحلف الأطلسي يفرضون الحصار على ما يسمونه محور الشر ، أو الدول المارقة ، ويذهبون إلى حدّ استصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي الموالى لهم لتجويع شعوب بأكملها ، وما حدث للعراق بعد غزوه للكويت ، حتى تم تدميره بالغزو الأمريكي والغربي خير مثال على المقاطعة ، فقد فرضوا حصاراً قاسياً ، استمر لأكثر من عشر سنوات ، منعوا فيها كل شيء عن الشعب العراقي البائس ، لدرجة منعوا فيها حليب الأطفال من الوصول إلى الأراضي العراقية ، وتحكموا فى بتروله وموارده لدرجة التعامل بالكوبونات ، وبالطبع لم يستطع زعماء العراق أن يخرجوا لزيارة العالم ، وامتنع زعماء العالم عن زيارة العراق .. وكان الحصار أول خطوة لتدمير العراق وهزيمته على يد التتار الجدد!
لذا ، فإن علماء السلطة وفقهاء الشرطة الذين يطلقون فتاوى عدم جواز المقاطعة يمثلون موقفاً خسيساً ، لا يرضاه الله ولا يقره الدين . إن تبادل المنافع والمصالح مرهون بتحقيق الفائدة للطرفين ، لكن أن تكون لطرف واحد ، هو المعتدى الآثم الذي يستولى على المقدسات ويقهر المسلمين ويستذلهم ويؤخر مسيرتهم ويفرض عليهم الطغاة ويساند المستبدين ، فالمسألة أوضح من أي فتوى وأي كلام !
إن التبادل مع العدو تفرضه الضرورة القصوى ، فشراء السلاح من الجيش النازي اليهودي لدعم المقاومة وتقويتها أمر جائز ، ولكن فتح أسواقنا العربية والإسلامية لبضائعه ومنتجاته ، وإمداده بما يحتاجه من مواد إستراتيجية وسلع أساسية ، تقوى قدراته العسكرية والاقتصادية ، هو أمر مرفوض إنسانياً وخلقياً وإسلاميا !
إن سلاح المقاطعة ، وخاصة للدول المؤسسة للكيان النازي اليهودي والداعمة له ماديا ومعنويا فريضة شرعية واجبة . والدول العربية والإسلامية قادرة لو أرادت على تنفيذ هذه المقاطعة ، خاصة فى ظل توافر البديل لاحتياجاتها من دول أخرى غير معادية ، أو يمكن التأثير على مواقفها بما يخدم القضايا العربية والإسلامية .
وهناك بعض السلع والمواد يأتي استيرادها من الدول الاستعمارية الصليبية ، ويمكن استيراد البديل من دول أخرى . خذ مثلاً واحدا ؛ السيارات الفارهة ماركات المرسيدس والكابريس والهامر والبى إم دبليو والشيفرولية والفورد وغيرها من الأنواع الغالية الثمن ، ويدخل منها آلاف السيارات سنويا بمليارات الدولارات ، ولكن يستطيع التجار فى بلادنا العربية الإسلامية أن يرفضوا استيرادها ، والبديل موجود فى كوريا والصين واليابان وإيران ، حتى تايلاند والهند والبرازيل .. بل يجب أن يكون ذلك دافعاً إلى تأسيس صناعة محلية للسيارات ، تحقق الاكتفاء الذاتي ، والمواطنون العرب والمسلمون على استعداد لمقاطعة السيارات الفخمة وغير الفخمة تقرباً إلى الله و استجابة لنداء القدس .
إن دور الغرف التجارية والصناعية مهمّ للغاية فى فرض المقاطعة الاقتصادية على دول الاستعمار الصليبي المؤيدة والداعمة للكيان النازي اليهودي ، وتستطيع هذه الغرف أن تستورد ما نحتاجه من الدول غير المعادية ، وتمنع تصدير ما يدعم الدول المعادية ، وفرصة الغرف جيدة فى العمل والحركة ، فهي هيئات شعبية غير مقيدة بظروف سياسية أو دبلوماسية ، ولكنها معنية بسياسة ( خد وهات ) !
إن مجالات التجارة والتصدير فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والدول غير المعادية ، فسيحة وممتدة وتعوّض ما يمكن تصوّر خسارته مع دول الاستعمار الصليبي .
صحيح أن المواقف الرسمية للدول العربية والإسلامية تستطيع أن تحقق إنجازاً أكبر فى هذا المجال وترغم الدول المعادية على الرضوخ وتغيير سياستها ، ولكننا لا نتوقع أن تفعل دولنا الميتة شيئا ذا بال ، وإن كنا قبل حين ، رأينا بعضها يهدّد بالمقاطعة الاقتصادية ، لأسباب خاصة ، وقد استجابت لها الدول الاستعمارية الصليبية ورضخت وتراجعت .
فقد هددت عاصمة عربية بإلغاء صفقة سلاح بعشرة مليارات إسترليني ما لم يغلق ملف قضية رشوة أمام القضاء العريق فى عاصمة أوروبية . وأغلق الملف ، واستمرت الصفقة .
وهددت عاصمة عربية أخرى ، بسحب ودائعها من بنوك دولة أوروبية ، ما لم توقف محاكمة نجل الحاكم فى هذه العاصمة العربية . وتمت الاستجابة وتوقفت ملاحقة النجل الغالي !
المقاطعة إذا سلاح ممكن إذا أرادت الحكومات العربية والإسلامية الميتة ، ولكنها لا تريد ، وهو ما يفرض على شعوبنا ومؤسساتنا غير الحكومية فى كافة المجالات الاقتصادية والزراعية والصناعية والتعليمية والتجارية والثقافية ، أن تتحرك للمقاطعة بكافة أشكالها ، حتى يعلم الأشرار أننا لسنا لقمة سائغة وسهلة الهضم .. وحتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً .
المراجع
odabasham.net
التصانيف
أدب مجتمع