سبق أن طرح في الحركة الإسلامية العربية أن منطقة الشرق الأوسط يتنازعها مشروعان ، أحدهما المشروع الأمريكي الصهيوني ، الذي يريد دعم إسرائيل وإقامة الشرق الأوسط الجديد من أجلها ،كي تتمكن إسرائيل من إقامة هيكل سليمان عليه السلام ، ومن ثم تصبح أكبر وأقوى دولة في العالم ، بعد أن تطبع علاقاتها مع المنطقة كلها ، وتمتص خيرات المنطقة ، ويشتغل سكان الشرق الأوسط كلهم أجراء عند سادتهم الصهاينة ، وقد أطلق أصحاب هذا المشروع مصطلح ( الإرهاب ) على الإسلام والدعوة الإسلامية بكل ما فيها من عمل دعوي أو تربوي أو خيري إنساني ، وصاروا يتحدثون عن تجفيف منابع الإرهاب ويقصدون دحر الإسلام ومسحه من خريطة العالم ... وهذا المشروع على خطره وفتاكة أسلحته لكنه معروف لدى معظم المسلمين عامة ، والحركة الإسلامية خاصة ، وهذا يقلل من خطره ...
أما المشروع الثاني فهو المشروع الإيراني الصفوي الذي يريد إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية ، بعد نشر المذهب الشيعي ، حيث تختبأ الدعوة إلى العنصرية الفارسية ، ودحر الإسلام والمسلمين خلف المذهب الشيعي كما هو معروف .
كان هدف تصدير الثورة الإيرانية المسماة ( الإسلامية ) هو الديدن الشاغل للإمام الخميني ، ومن أجل ذلك دامت الحرب بين إيران والعراق ثمان سنوات ، فقد الطرفان خلالها أكثر من مليون ونصف من القتلى وأكثرمنهم من الجرحى والمعوقين، وكانت خسائر إيران أكثر من العراق ، ووقف صدام حسين مدعوماُ بأموال الخليج العربي في وجه الزحف الإيراني ثمان سنوات ، وكانت أمريكا تغذي الطرفين وتريد استمرار الحرب إلى ما لانهاية ، وأخيراً وقفت الحرب بعد أن تأكد الخميني من عجزهم عن اختراق العراق الشقيق ، البوابة الشرقية للعالم العربي .
ثم عاد هدف تصدير الثورة الإيرانية بعد تحطيم العراق من قبل أمريكا بمساعدة إيران ، ونشطت إيران في عهد أحمدي نجاد في نشر المذهب الشيعي وخاصة في سوريا وفلسطين ومصر وغيرها من شمال أفريقيا ...
وصار حزب الله في لبنان الحربة الأولى الموجهة للمشروع الإيراني الصفوي ، ومعه النظام الأسدي في سوريا ، ومعهم مضطرة حركة حماس ....
 وجرت نقاشات في صفوف الحركة الإسلامية حول سؤال تردد كثيراً وهو أي المشروعين أشد خطراً على الحركة الإسلامية ، وهل يمكن للحركة الإسلامية أن تتحالف مع أحدهما ضد الآخر !!!؟
 وكانت الخاتمة التي اســتقر عليها الحوار تتلخص فيما يلي :
 1-       هل هناك صراع حقيقي ( في الباطن والظاهر) بين المشروع الإيراني والمشروع الصهيوني !!؟؟؟ ويرى كثير من الأخوة ولهم أدلة من التاريخ أن هذين المشروعين متصارعان ظاهراً ومتعاونان باطناً ، ومن أقوى الأدلة ماصرحه خامئني عندما قال : لولا دعم إيران لما استطاعت أمريكا احتلال أفغانستان والعراق !!!!؟  والكل يعلم أن ( الحكيم ) لم يفتِ حتى اليوم بوجوب مقاومة المحتل الأمريكي ، ومازال المحتل الأمريكي بالنسبة له محرر حررهم من صدام حسين !!!؟؟؟ وأرجو أن تلاحظ مامعنى صدام حسين عند الحكيم وزمرته !!!؟؟
وسؤالي إذا سكتنا وقلنا أمريكا خلصتهم من صدام حسين يرحمه الله ، فلماذا ساعدوها على احتلال أفغانستان !!!؟؟ وهل عندهم صدام أفغاني !!!؟ أم لأن بوادر حكم إسلامي كانت ستقوم في أفغانستان !!!!؟
وأصحاب هذا الرأي يعتقدون أن المشروع الصفوي والأمريكي مشروع واحد في النهاية ( الباطن ) هدفه محاربة الإسلام والمسلمين ....
2-       إذا سلمنا بوجود صراع حقيقي بينهما ، فكلاهما يريد القضاء على الإسلام والمسلمين ، الصهيونية تريد القضاء على الإسلام لتقيم هيكل سليمان عليه السلام ، والصفويون يريدون إعادة الإمبراطورية الفارسية التي دحرها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وبناء على ذلك أرسلوا أبا لؤلؤة فاغتاله في المسجد النبوي بالمدينة المنورة  ....
3-       يتفق المشروعان بمحاربة الإسلام من الداخل ، فأمريكا تريد الإسلام الأمريكاني ، الذي تراه أمريكا نسخة من ( الكنيسة ) بحيث يكون الإسلام علاقة بين المسلم وربه ( فقــط ) ولاعلاقة للإسلام بالسياسة والاقتصاد والمجتمع .... كما هو الإسلام في أذهان العلمانيين والليبراليين .... أما الإسلام كما هو في الكتاب والسنة فسموه الإسلام السياسي لتنفير عامة المسلمين منه لأن عامة المسلمين ينفرون من كلمة ( سياسة ) ...
 كما أن الصفويين يريدون إسلاماً ( سبئياً ) يقولون فيه ( 70% ) من الصحابة رضوان الله عليهم ارتدوا عن الإسلام ، وبالتالي أحاديث الرسول r التي نقلها لنا الصحابة ( المرتدون ) ليست من الإسلام في شيء ... وهكذا يقدمون لنا إسلاماً جديداً أكثر خطورة من الإسلام الأمريكاني ، يقدمون لنا إسلاماً يسمون فيه أبا بكر وعمر ( رضي الله عنهما ) صنمي قريش ، ويعلنان أن الإيرانيين يجاهدون من أجل نبش قبريهما وإخراجهما بعيداً عن المسجد النبوي ....ويطعنون في عرض رسول الله r في عائشة رضي الله عنها ....إلخ ...
4-       وبناء على ماتقدم طرحت الحركة الإسلامية المشروع العربي الإسلامي ، كي لاتنحاز إلى أي من المشروعين ، المشروع الصهيوني والمشروع الصفوي ...لأن كلاً منهما يريد القضاء على الحركة الإسلامية أولاًُ ثم القضاء على الإسلام كله ....وطرح المشروع العربي الإسلامي ، ومثل هذا العمل يحتاج إلى رجال أكفاء ، فأبطال المقاومة في حركة حماس وقفوا في وجه طائرات الصهاينة ودباباتهم ، ورجال المشروع العربي الإسلامي ينبغي عليهم أم يقفوا في وجه الفكر الصهيوني والصفوي ، وهذا يتطلب منهم الجهد والصبر ، وربما التشريد والهجرة ، وقد يتطلب هجرة بعد هجرة ، وأرض الله واسعة ، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ، لكن أن يقف مشروع ثالث في وجه مشروعين يريد كل منهما دحر الإسلام والقضاء عليه ليس أمراً هينا أو سهلاً ، ولايقل صعوبة عن الصمود تحت قصف الطائرات الصهيونية ....
وعندما يطرح المشروع العربي الإسلامي ، وتتبناه الحركة الإسلامية في العالم كله ، آمل أن كثيراً من المسلمين ( حكاماً ومحكومين ) يقفون معـه ، وحسب فهمي يقف اليوم كثير من المسلمين مع المشروع ألأمريكي خوفاً من المشروع الصفوي ، وخاصة عندما يرون الحركة الإسلامية تقف أو تريد أن تقف مع المشروع الصفوي ...
5-       وبناء على هذا يتضح الموقف الصعب لحركة حماس التي أجبرت على  الوقوف في صف المشروع الإيراني مع سوريا وحزب الله ، وأفقدها هذا الموقف امتدادها الطبيعي في الدول العربية ( السنية ) التي تصنف مع المشروع الأمريكي ، ونصيحتي أن تبادر حماس بتغيير موقع قيادتها على الأرض من دمشق إلى اسلامبول ، وتنسحب ببطئ من المشروع الإيراني الذي يجـر عليها ويلات كثيرة ... وأن تثبت في المجال السياسي كما ثبتت في ميدان المعركة ، وأن يكون الأخ اسماعيل هنية الذي رأيناه في الصور الفضائية جالساً لايشارك الآخرين في صلاتهم ، قدوة في ثباته لأخوانه ولآبناء الحركة الإسلامية كافة ....
ومن البدهي أننا نعذر حماس المضطرة ، والمضطر يأكل ( الفطيسة ) ، أما غير حماس من حركات إسلامية تمشي في ركب المشروع الإيراني فلا تعذر ، ولا يعذر المسلم اليوم بجهله ، لأن وسائل العلم صارت في متناول كل من يقرأ ويكتب أو يسمع الفضائيات ومنها المستقلة جزاهم الله خيراً .... ونحذر من خطورة الموقف على أبناء الحركة الإسلامية وأبنائهم وأحفادهم ، وكيف يسكت المسلم على من يشتمون صحابة رسول الله r وأولهم الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ....ويكرر مقالة الجهل والتخلف التي مازال يكررها منذ نصف قرن ولاحول ولاقوة إلا بالله .....
وأسأل الله عزوجل أن يبصر الحركات الإسلامية العربية بالخطر الكبير الكامن في وقوفها مع المشروع الإيراني ، فعاجلاً أو أجلاً سينفجر الصراع بين الصفويين والمسلمين ، وعندئذ ما مصير الحركة الإسلامية !!!؟؟؟ هل تبقى واقفة في صف الصفويين  ضد إخوانها ( الســنة ) أم ماذا تفعل !!!!؟؟؟

المراجع

odabasham.net

التصانيف

أدب  مجتمع