سينتهي مجلس النواب من بحث قانون البلديات خلال أيام، متجاوبا مع الرغبة الملكية والحكومية بسرعة إنجازه، لضمان اجراء الانتخابات هذا الصيف.
ما الفرق الذي سيحدثه هذا القانون في المسار الديمقراطي والادارة المحلية؟
أمانة عمّان الكبرى ليست طرفا في التغيير؛ اذ نصّ المشروع على بقاء الصيغة القائمة الآن نفسها. وهذا لا يعني أن صيغة الأمانة لا تحتاج الى تطوير ايضا. وبالنسبة لبقية البلديات، فستكون منتخبة بالكامل، رئيسا وأعضاء.
تعود البلديات للانتخاب الكامل كما كان سائدا في الماضي، مع فارق ان لدينا الان بلديات كبرى، تضم القصبة وجميع القرى والبلدات القريبة، وهذا سيطرح إشكالية الآلية التي سيتم بموجبها تمثيل القصبة والاطراف.
لقد نصّ القانون على أن البلدية يمكن أن تكون دائرة واحدة او أكثر بقرار من الوزارة. وقد تمّ ردّ اقتراح من كتلة العمل الاسلامي بأن تكون البلدية دائرة واحدة، ونرجح أن القصد الاستفادة من مركز الثقل المتوقع للإسلاميين داخل القصبات. لكن الاقتراح ليس واقعيا لأن البلديات الكبرى تضم عددا كبيرا من القرى والبلدات ينبغي ضمان تمثيلها.
إلا أن المشكلة التي تبرز هنا هي: كيف يكون التمثيل؟ أي كيف نوزع الأعضاء على الدوائر؟ أن يكون، مثلا، لكل منطقة ممثل منتخب، بغض النظر عن عدد السكان؟ أو عدد متفاوت من الممثلين حسب حجم الدائرة؟ وفي هذه الحالة الثانية، هل ينتخب المواطن ممثلا واحدا او اكثر؟ وأخيرا، كيف ستضاف الكوتا النسائية، وعن اي دوائر لو كان لكل منطقة ممثل واحد، كما هو حال أمانة عمان؟ هذه الأسئلة لا يجيب عنها القانون، وهي تحتاج الى ورشة بحث خاصّة لاحقا لتقرير الصيغة الأمثل.
القضية الأخرى التي تستحق التنويه هي سلطة مدير البلدية! فقد تولد احساس ان الحكومة تريد مصادرة اوسع نسبة من الصلاحيات من المجلس المنتخب لصالح مدير البلدية المعيّن من قبل الوزارة. وقد يرسو القرار على ان يعين المدير من المجلس البلدي. ونخشى اننا سنعود لنعاني من الإشكاليات القديمة نفسها، وهي خضوع الرئيس المنتخب والأكثرية في المجلس للضغوط الانتخابية والعشائرية التي تنعكس على تحصيل الضرائب، والديون، وردع المخالفين، والتعيينات، وسقوط البلدية في الترهل والمديونية، وانعدام الكفاءة. وهذا ما قاد في حينه الى الأخذ بنظام أمانة عمّان في تعيين الرئيس ونصف الأعضاء.
لن يكون اعتداء على الديمقراطية لو ابقينا تعيين مدير البلدية بيد الوزارة وبصلاحيات تنفيذية ملائمة لإبقائه بعيدا عن الضغوط الانتخابية، وانقاذ الرئيس وأعضاء المجلس أيضا من هذه الضغوط، في حين يستطيعون ممارسة سلطاتهم كاملة في التشريع والتخطيط والتقرير. وعلى سبيل المثال، سيكون بيد المجلس ان يتخذ قرارا حول سياسة معينة؛ مثل تحفيز المتخلفين عن الدفع بخصم 10%، لكنه لا يملك اعفاء هذا او ذاك من ديونه. والقصد هو الفصل بين الصلاحيات التنفيذية وبين سلطة التشريع وتقرير السياسات والاشراف على الاداء.
يجب ان نراعي دروس التجارب الماضية، حتى لا تسقط الديمقراطية المحلية مرّة أخرى في الامتحان.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري