تفجير باصين بركّابهما هو تحوّل نوعي يثير الرعب. فما بين اغتيال وآخر في لبنان كانت تقع تفجيرات لا تستهدف قتل المواطنين بل توجيه رسائل تحذير وتخويف، ومع انفجاريّ أمس دخلنا في مرحلة صنع المجازر. وتسري في البدن قشعريرة من استباحة لبنان بالتفجيرات الإجرامية على "الطريقة العراقية".
الانفجاران وقعا قرب بكفيا -معقل الرئيس السابق أمين الجميل الذي اغتيل ابنه بيار الوزير والنائب في البرلمان قبل اشهر في نفس منطقة المتن- وقبل يوم واحد من ذكرى اغتيال الرئيس الحريري، فيما قوى 14 آذار تتهيأ لاحتفال حاشد في ساحة الشهداء، وقد افترضت تصريحات من الأغلبية أنّ الهدف ترويع الناس الذين سيركبون الباصات التي تحشد للمشاركة في اليوم التالي.
مع هذه الجريمة يتكرر السؤال حول الجهة التي تقف خلف التفجير، وإذا كانت التصريحات من أركان الأغلبية والمعارضة تشير تلميحا أو تتحفظ وتكتفي بالإدانة، فإنّ التعليقات التي تتذيل الأخبار على المواقع الاخبارية لا تجامل ولا تتردد في قول ما تعتقده، وكل تعليق يدلّ مباشرة على ميول صاحبه.
لنأخذ جانب التحفظ، لكن هذا لن يمنع التفجيرات أن تستمر مثلما استمرت الاغتيالات فإلى أين نصل؟ بكل صراحة يجب أن تنتهي التحفظات مرّة واحدة وإلى الأبد على المحكمة الدولية ويجب أن يسارع الرئيس نبيه برّي إلى دعوة البرلمان المعطّل للانعقاد وإقرار قانون المحكمة لتصبح هذه القضيّة وراء ظهرنا تماما، لكي يتم التوافق على حكومة وحدة وطنية وبقية عناصر الأجندة الداخلية اللبنانية.
الأغلبية تعتقد أنّ الاغتيالات والترويع وشلّ الحكومة وتغيير موازين القوى في القرار تستهدف المحكمة الدولية. فإذا كان حزب الله وحلفاؤه ينكرون ذلك ويؤكدون حرصهم على الحقيقة في اغتيال الحريري والجرائم اللاحقة وإذا كان أصدقاء سورية يعتقدون ببراءتها. فالأجدى أن يكونوا أكثر حماسا للمحكمة.
في تصريح للسيد حسن رحّال من حزب الله لاحظ أن "قوى خارجية تسعى لتعكير صفو لبنان في وقت أوشكت فيه المصالحة الوطنية أن تؤتي ثمارها". ليكن الردّ إذن المسارعة إلى مصالحة وطنية وإقرار المحكمة الدولية. وها هو عمرو موسى يعود إلى لبنان، وهناك ضغوط حثيثة للوصول إلى حلّ خصوصا بعد نجاح الاتفاق على الجبهة الفلسطينية، ولدى موسى مقترح معروف لتشكيل الحكومة ومعالجة بقية عناصر الخلاف الداخلي وأيّاً كانت القوى التي تسعى لزعزعة لبنان (ولنفرض أنّها اسرائيل وحلفاؤها التي سنفترض أنّها كانت ايضا وراء كلّ الاغتيالات والتفجيرات) فإنّ إزالة عقبة وعقدة المحكمة الدولية وعودة الجميع إلى الحكومة سيترك أي طرف خارجي بدون قضيّة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري