يشعر الواحد منّا بـ»الغيرة الحضارية» من امريكا ومن اسلوب تعامل الشعب الامريكي مع قضاياه السياسية والاجتماعية وحتى المناخية.

وأقول المناخية ذلك أني راقبت كيف تعاملت حكومة أوباما مع الاعصار «سيدني» الذي دمر معظم الشواطىء الشرقية للولايات المتحدة، وكيف حطم الاعصار شواطىء نيويورك.ذلك أن الفيضان المائي الذي خلفه الاعصار على الشوارع والبيوت ومحطات الميترو وتعطيل المدينة التي تتنفس على أوكسجين الكهرباء، قد جعل الموظف المعني والمسؤول يقوم وبهمة عجيبة بتخليص المدينة من كل هذه الآثار المدمرّة خلال يومين حيث عادت المدينة الى ضجتها الاعتيادية وكأن شيئاً لم يحدث

ومن راقب منّا اسلوب الانتخابات الرئاسية التي مرت دون أي مراقب دولي لمستوى الشفافية في الانتخابات، ودون ضغائن أو محاولة العبث بصناديق الاقتراع ودون اقتتالات بين المؤيدين لهذا الرئيس أو ذاك، بل مجرد مناظرات متلفزة بين الرئيسين المقترحين، واداء يكاد يكون موسيقياً في الاقتراع. من راقب كل هذا من ابناء دول العالم الثالث لا بد وأن يشعر ب»الغيرة الحضارية».

والغيرة الحضارية تذهب الى أبعد من ذلك وهي تراقب الانسحاب الهادىء لمدير الاستخبارات الامريكية «سي آي أيه» ديفيد بيتريوس من منصبه بعد اعترافه بتورطه بعلاقة خارج حدود الزواج. مع امرأة كان قد كلفها بكتابة سيرته الذاتية. واصفاً سلوكه بغير المقبول بالنسبة لقائد جهاز الاستخبارات الرئيس للأمة.

وبيتريوس الذي قدم جهوده الخاصة في تعظيم دور امريكا في العالم من خلال خدمته العسكرية في العراق وفي افغانستان وحتى في مقتل بن لادن، لم يكن قد طالب الشعب الامريكي بالمكافأة ورد الجميل القومي بل تحول برغم كل الامجاد التي حققها لامريكا الى مواطن عادي لا لشيء سوى انه خرج على العرف الاجتماعي في اقامة علاقة مع امرأة خارج مؤسسة زواجه التي استمرت الى ما يزيد عن «37» عاماً

ان شعوب العالم وخصوصاً دول العالم الثالث التي ترفع الشعارت السميكة في معاداة امريكا ووصفها بالشيطان الأكبر، عليها وقبل أن ترفع هذه الشعارات التي تحولت الى طنين كوني ان ترفع قبعتها احتراماً لهذا المسلك العام التي تقوم به امريكا ورجالاتها ازاء بعض القضايا،وأن تشعر على الأقل ب» الغيرة الحضارية» من مُجمل هذه القضايا ومن طريقة التعامل معها.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور