علينا أن نعترف اننا نعيش في زمن الاحتيال على المعتقدات والاعراف والتقاليد، وذلك تحت عدة مسميات لمسلكيات تبدو في ظاهرها انها لصالح معتقد واجبي وجمعي معين، بينما هي في الواقع تعبر عن نوايا خلاعية وتفتقد للحد الأدنى من الحشمة.
وفي هذه الايام اخذت تتوالى على صفحات الفيس بوك والتويتر حالات تمردية تقوم بها بعض الفتيات بعرض اجسادهن عاريات كنوع من الاحتجاج الثوري القائم على خدش الوقار المجتمعي العام بالعري.
ولأن جسد المرأة هو الأحق بتسمية العورة باعتبار أن الأديان جميعها حرمت الكشف عن جسد المرأة والتشهير بعرية، فان الظاهرة ظلت تتوالى في حدوثها نسوياً ولم نر رجلاً يقوم بالتعري على صفحة الفيس بوك الخاصة به على اعتبار ان عريه لا يقع في منطقة الاشتهاء.
وفي ثمانينيات القرن الفائت ظهرت حالة غريبة سيطرت على بعض قطاعات الشباب الغربي من الجنسين، وحملت اسم «مرّ مثل البرق سريعاً»، وتعتمد هذه الظااهرة على ان يقوم الرجل أو الأنثى بخلع ملابسه تماماً والركض وسط جموع الناس المحتشدة راكضاً وبسرعة ومن ثم يختفي
|
ومؤخراً صرنا نرى مشاهدات لنساء عربيات في عمر الورد يظهرن على صفحات الفيس بوك كنوع من الاعتراض على ما يتعرض له شعبها من قتل وتدمير واعتقال بسبب القبضة الديكتاتورية لبعض الحكام العرب. وأصبحت مثل هذه الظاهرة التي تكررت في أكثر من قطر عربي تلاقي نوعاً من الاستحسان الثوري لدى العديد من القطاعات الشعبية الثائرة في ربيعنا العربي | |
ومؤخراً أخذت المواقع الالكترونية التركيز وبكثافة على صورة الناشطة المصرية علياء مهدي، التي كشفت عن عريها بالكامل وذلك احتجاجاً على الدستور المصري الجديد.
وفي العودة الى النوازع السايكولوجية لهذا المسلك فان الدراسات النفسية اكدت على ان بعض النساء مريضات برغبة الكشف عن مفاتن اجسادهن الى درجة الرغبة المعلنة بالتعري. وفي الجانب الآخر نلحظ ان الذكر المعذب بتورية مفاتن الجسد يفرح لهذا النوع من النساء بل ويذهب الى تمجيد مثل هذا الفعل وتسميته بالمسلك الثوري الذي يستحق التمجيد.
والحال ان جميع الثورات التي حدثت في التاريخ الانساني الممتد زمنياً لم تعتمد مثل هذه المسلكية، التي يمكن اعتبارها مسلكية فاجرة لا تقترب من نبل الثورات الباحثة والمطالبة بحقوقها المقدسة.
وأقول الى علياء مهدي وأخريات أجسادكن حينما تتعرى بهذا الوضوح المفجع فانها تذهب نحو مناطق لا ترتقي الى مستوى الاوطان وارواح الشهداء، بل تبقى في مربع الاشتهاء ودنس العقد.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خليل قنديل جريدة الدستور
|