في الكيمياء تضاف مادّة محفزة تطلق التفاعل الكيماوي. في الماضي كان السحرة يستخدمونها لإبهار المشاهدين. تضيف سائلا بلا لون على سائل بلا لون فلا يحدث شيء، ثم تضيف قطرة، قطرة صغيرة من سائل خاص، فيحدث التفاعل وينقلب المحلول كلّه الى لون جديد.
اريد ان اهمس في اذن اصحاب القرار بكلمة السرّ لقلب الأجواء وإحداث نهوض جديد، إنه إعلان من سطر واحد بأن الانتخابات النيابية ستجري بأسلوب جديد.
للمختصين ان يدرسوا كل الصيغ، وأن يتحوّطوا لكل الاحتمالات فلا يكون التغيير قفزة في الظلام ولا انقلابا غير محسوب، لكن الناس تتثاءب ضجرا منذ الآن من انتخابات بموجب نفس القانون. وعلى رأي الزميل ناهض حتّر، فهذا اشبه بالتمديد للمجلس الحالي اربع سنوات مع تغيير في الوجوه (أو قُل الأقنعة لا فرق)! وانا لا أفهم كيف ان الحكومات ودوائر القرار التي شكت أكثر من عموم الناس من هذا النمط من المجالس النيابية الخدماتية، المحسوباتية، الشخصانية، الفردية... تعدنا بتكرار نفس المشهد الذي قيل انه معيق للتنمية والاصلاح!
هنا وهناك اسمع تأكيدات قاطعة بأن الانتخابات ستجري بموجب القانون القديم، بينما الرئيس يعلن اطلاق الحوار حول قانون الانتخاب. ولا عجب ان نقرأ تعليقات بأن الحوار لاستهلاك الوقت أو التمويه أو رفع العتب، وسينتهي بأن الناس مختلفة على بديل فيبقى القديم على قدمه.
من جهتي اجدّف ضدّ التيار، وأدّعي ان التعديل قادم لا محالة. انه متطلب موضوعي للتطوير والتحديث وبثّ ديناميكية جديدة في اوصال المجتمع والدولة. ولا اتخيّل خذلانا لقضية التحديث التي يريدها الملك أكثر من بقاء القانون القديم اربع سنوات اخرى. لقد استمعنا الى خطاب رائع من جلالته في الكونغرس يرفع الرأس حقا، ولا يجوز ان يظهر فصام بين المستوى السياسي للخطاب والمستوى السياسي للواقع الذي يقوده!
امام الضغط لتعديل القانون يدلي كثيرون بدلوهم باقتراحات معلقة في الهواء، وكأن الهدف هكذا تعديل من اجل التعديل. في الحوارات المطروحة يجب على اي اقتراح ان يجيب عن السؤال التالي: كيف ستساهم الفكرة المقترحة في مأسسة وتطوير الحياة السياسية – الحزبية - البرلمانية؟!
لقد دخلنا في ورشة تغيير على مختلف القوانين الناظمة للمشاركة، لكن كل تلك القوانين ستبقى قاصرة عن احداث الأثر المنشود، وهي -كما في المثال الذي قدمناه في مطلع المقال- تحتاج الى القطرة السحرية لتحقق التفاعل الشامل المنشود، ونعني القانون الجديد للانتخابات النيابية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري