بدأت أسعار الفواكه والخضراوات بالنزول قليلا، وهذا بفعل آليات السوق نفسها على الأرجح وليس بفعل التدخل الحكومي، فالحكومة لا تستطيع التدخل في الأسعار حتى لو اعلنت انها تريد ضبط الأسعار.
البعض يحلف على ارتفاع جديد قادم بسبب ظروف الطقس الأخيرة في دول أخرى، وكان قد جرى تحميل التصدير مسؤولية الارتفاع الأخير للأسعار، وارتفعت اصوات تقول ان تلبية حاجة السوق المحلي أولى من التصدير، وهذا ايضا لم يكن طرحا منطقيا؛ فالحكومة لا تستطيع "منع" التصدير الذي هو هدف اقتصادي عزيز لأي اقتصاد وطني.
يمكن وضع سبب اضافي لارتفاع الأسعار؛ مثل زيادة الطلب بسبب الزيادة غير الطبيعية في عدد السكان، لكن الجمهور لا يقتنع كثيرا بما يساق من مبررات، ويرى ان زيادة الطلب لا تبرر كل هذا الارتفاع بل تعطي حافزا لزيادة الجشع، ويرى أن هامش الربح أكبر كثيرا مما ينبغي، فمن الذي يرفع الأسعار؟ المزارعون أم الوسطاء أو أصحاب المحلاّت؟ كل طرف من هؤلاء يشكو ويبرئ نفسه من المسؤولية، ونجد أنفسنا في حلقة مفرغة.
بحسب بعض التحليلات فإن ارتفاع الأسعار سيكون ظاهرة دائمة ليست عابرة. لكن معدّل الأسعار الآن بالنسبة للأغلبية من المواطنين هو فعلا فوق مستوى الاحتمال، فحصّة الخضروات في توزيع نفقات الأسرة عندنا كانت مستقرة عند حدّ عصفت به الزيادات الكبيرة الحالية ولا يتلاءم ابدا مع مستوى الدخول.
في السنوات الأخيرة تراجع الاهتمام بالقطاع الزراعي أمام ارقام تقول انه يشكل 2% فقط من الناتج الوطني الإجمالي، وقد يكون احتساب هذا الرقم يجري على ما يتحقق من دخل مباشر للإنتاج الزراعي؛ لكن بين سعر المنتج الأول والمستهلك توجد سلسلة توصل السعر الى ثلاثة أضعاف وربما أكثر، وعلى هذه السلسلة يعيش آخرون قد يندرج دخلهم تحت عنوان التجارة وغيرها. ثم إن الأهمية الاجتماعية تتجاوز كثيرا هذا الرقم الذي لا يجوز التسليم به، فالاردن يملك ميزات تجعل من الزراعة التصديرية ركنا مهما في الاقتصاد بالقدرة على انتاج جميع انواع الفواكه والخضراوات على مدار العام.
مدير سوق عمّان المركزي، المهندس هيثم جوينات، تحدث عن ضرورة تطوير عمليات التصدير التي ستساهم هي نفسها في توفير اسعار افضل للخضار خارجيا ومحليا، إذ يقول: 25% من الصادرات تذهب للإتلاف بسبب المواصفات، رغم تميّز الخضراوات والفواكه الأردنية، فهي ترسل بعبوات غير معدّة للاستلام من المصدر النهائي وغير ملتزمة بمواصفات موحدة للحجم ومستوى النضج.. إلخ، فيعاد تنقيتها وتعبئتها بعد الوصول ونكون قد خسرنا جزءا من الكميات كان يمكن ان تذهب للسوق المحلي، ناهيك عن الخسارة والأسعار الأدنى مقارنة مع دول اخرى تجيد عملية تجهيز وإعداد الخضار والفواكه للتصدير.
المسألة ليست فزعة ضد ارتفاع الأسعار في لحظة ما، بل سياسة متكاملة يمكن ان تؤدي الى ثبات نسبي عند حدّ معقول للأسعار، وللحديث صلة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري