هل صارت السعادة مستحيلة الى هذا الحد؟؟ سؤال ألقيه على نفسي كثيراً وانا أواجه هذا العبوس الجمعي حولي، وأعاود الكرة في السؤال اولاً وثانياً فلا أجد جواباً وانا أحاصر بهذه التقطيبات الاجتماعية حولي.

نعم، كنّا في زمن ليس ببعيد حين يسأل الواحد منّا صديقه في لحظة المصافحة عن الحال والاحوال، نسمع الرد العفوي المفعم بعافية الاقبال على الحياة»الحمد لله»، لكن في هذه الايام وحينما نتورط بسؤال من هذا النوع فاننا نسمع زفيراً مجرحاً من المجيب ترافقه تذمرات متداعية اضافة الى رغبة عارمة بالشرح عن الاحوال السيئة وسوء الحال.

ومع أعود لأسأل نفسي قائلاً « غريب الكل يذهب الى عمله صباحاً والكل يشارك منذ بزوغ الفجر بادارة عجلة الحياة، وتدور العجلة فترى الموظفين على مكاتبهم الحكومية، وموظفي الشركات في شركاتهم، وباعة الاسواق من حوانيت وتجار يملؤون المدينة، والمطاعم بالكاد تكون فارغة وفي اي وقت، وما من مول تدخله الا وتراه يزدحم بالمشترين وبقرقعة الالات الحاسبة.

وأعود لأقول: ان اناساً ينهمكون في الحياة بمثل هذا الايغال وبمثل هذا المستوى الذي يصل احيانا حتى ارنبة الأنف كيف يمكن لهم بعد كل هذا الانهماك ان يقول الواحد منهم الحياة تعيسة او الحياة لا تطاق.

والحال اني بت اراهن ان ثمة ثقباً سريا في حياتنا يهرب كماء الدلف كل مكتسباتنا الحياتية ويقلبه جحيماً من الفراغ

احياناً اتجول ليلاً في بعض شوارع عمان المقفرة من المارّة مع ان الوقت الليلي ما زال مبكراً واتطلع الى الاضاءات النائسة التي تطلقها نوافذ البيوت فأشعر بانقباض في قلبي وأحس بان هناك شهيقاً يشبه البكاء تطلقه البيوت لا بل هو كذلك.

وحينما أصعد في حافلة تكتظ بالركاب وأتطلع في الوجوه أشعر ان ثمة شهقة حزن تعتلي وجوه الرجال والنساء وحتى الاطفال وتنتابني رغبة في ان امسد على شعر الطفل الذي اجلسته امه الى جواري وان اهمس في أذنه قائلا: لا تحزن يا حبيبي فالعمر ما زال امامك بهياً ومشرقا؛ لكني اتراجع حين اراقب نظرة امه النيرانية والرادعة.

وحينما يغلبني الحزن الجماعي ويغمر روحي أدخل في تمني ان نتناول جميعاً جرعة سحرية للسعادة.

لكنه الحزن الاعمى يظل يربض بثقله الزئبقي فوق القلب

وكان الله في العون.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور