بدأ الجيش اللبناني أمس عملية حاسمة لتطهير مخيم نهر البارد من جماعة "فتح الإسلام". وقد يحدث اجتياح كامل للمخيم، والأمل هو ان لا تقع خسائر بين المدنيين الفلسطينيين.
اتاحت هدنة الأيام الماضية خروج أكثرية السكّان، والبقية لا تريد الخروج أو يمنعها مسلحو "فتح الإسلام"، ولا يستطيع الجيش الخضوع للابتزاز، وترك المخيم ملاذا آمنا لهذه الجماعة.
وقد تجاوب الجيش مع الاقتراحات بإعطاء فسحة للجهود السلمية لإخراج أعضاء "فتح الإسلام" أو استسلامهم، لكن اتضح بسرعة ان الحلول مستحيلة. ومن بدأ بمجزرة بحق الجيش، اشتملت قطع رؤوس الجنود، لا ينوي بالتأكيد العودة إلى تسليم نفسه، وليس هنالك قوى فلسطينية تملك الإمكانية أو الرغبة في خوض مواجهة مسلحة معهم. ولو تنازلت الدولة عن حقها في الملاحقة القانونية، وأعطيت للجماعة فرصة مغادرة لبنان، فأي دولة تقبلهم؟
هذه العملية تمثل محطّة حاسمة لتأكيد سيادة الدولة اللبنانية وسلطتها على ارضها، واقفال عهود استباحة لبنان بالأسلحة والميليشيات من كل الجهات. فقد بقيت قضيتان عالقتان، هما سلاح حزب الله المعترف به كمقاومة، وسلاح التنظيمات الفلسطينية المعروفة والمعترف بها داخل المخيمات، وليس ممكنا السماح باستغلال الوضع الراهن لتجديد نشوء الجماعات المسلحة، فما بالك بجماعات مشبوهة، وفي أحسن الأحوال مرتبطة بالتيار القاعدي.
حق الجيش في الحسم يجب ان يحظى بالدعم والتأييد من دون لف أو دوران أو استدراكات تكون وظيفتها الفعلية، في نهاية المطاف، تقديم الحماية والفرصة لتثبيت قواعد هذه الجماعات من طراز "فتح الإسلام"، وأي مسميّات أخرى.
الجدل الذي دار حول اصل هذه الجماعة لا يغيّر في الأمر شيئا، فالبعضّ عمل على ترويج نظرية ان الأكثرية، وخصوصا تيار المستقبل، هي خلف تسليح فئات سنّية متطرفة لمواجهة التسلح الشيعي، وذلك مقابل نظرية وقوف الاستخبارات السورية وراء هذه الجماعة. ويمكن التمرن بشتّى النظريات التي تخلق طرقا التفافية لا تنتهي مع خيوط الظاهرة التي يوصلها من شاء الى حيث يشاء. لكن بالنتيجة، ونحن أمام موقف شرعي يقرر الحسم مع هذه الجماعة غير الشرعية والمشبوهة وذات الطابع الإجرامي الخطير، هنالك موقف واحد يجب توقعه، وما دونه يقع في خانة التنكر غير المقبول لحق دولة لبنان وشعب لبنان في السيادة، والاستقرار، وسيادة القانون، وان يكون للبلد، كما في كل بلد، قوّة شرعية واحدة مسلحة هي الجيش الوطني.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري