كم مرةٍ أحتاجُ أن آتي إليكَ
بِلهفَتي وَمَحبّتي ..
وتَصدُّني في وَجهكَ القَاسي
مَلامِحُكَ الغريبَةُ
صَدَّ من لا وُدَّ في خَلجَاتِهِ
صَدَّ الغَريبِ إلى الغَريبِ ..
لأكرَهَكْ؟
كمْ مرةٍ قد جِئتُ مُنكسِرَ الفُؤادِ
أنوءُ بالأشواقِ لا أبغي منَ الدّنيا
سِوى أن أرتمي، كي أحتَمي
من سَوطِ غُربتيَ اللعينِ
على يَديْكَ، فلا أجِدْكَ
ولا أراكَ بأعيُني
كي أندَهَكْ؟
وأخافُ مِمّا ظلَّ منكَ،
أرى بأنّكَ آخرٌ،
شخصٌ غريبُ الوَجهِ
والقسَماتِ والدّمِ والسّلوكِ ..
أكادُ أقسِمُ أننا
ما كانَ يَوماً بينَنا
ما كانَ يَوماً بينَنا
في قلبِكَ الغُرباءُ يَبنُونَ الحَدائقَ والقُصُورَ
وأنتَ لاهٍ تَشربُ الأنخابَ
والأحبابُ فيكَ تَعثّروا
وتَعثّرتْ ما بَينَهمْ سُبُلُ الحياةِ
وكلُّ آياتِ النّجاةِ
ولملَمَتْ في 'سوف'
مقبرةُ الجُدودِ عِظامَها
ومَضتْ تلوبُ وحيدةً مقرُورَةً
حَيرى على الطُرُقاتِ
حتى خِلتُ أني تِهتُ لما جئتُ ..
أم أنَّ الزّمانَ المرَّ عَني
تَوّهَكْ؟
وبأيِّ قلبٍ بارِدٍ أفلَتَّ في عرضِ الكُرُومِ وطُولِها
زُمَرَ الثّعالبِ كي تَعيثَ تَعَسّفاً
حتى استَحلّوا عُنوةً ما لا يُحلُّ
فَجوّعُوا وتَنكّرُوا وتَجبّرُوا
وتَشرّدتْ فِينا مَصادِرُ خيرِنا
وبَنُوكَ، منْ كانُوا بَنُوكَ وكحّلوكَ وزَيّنُوكَ ..
تَناثَرُوا، هانُوا عَليكَ
ومن يَهُنْ أبناؤهُ في عِرفِهِ
يُمسِي مَعابِرَ للذَئابِ الجائِحاتِ
يَصيرُ في عِرفِ المُواطِنِ والوَطنْ
شيئاً كئيباً مُمتَهنْ
وَطناً حَزيناً مُنتَهَكْ |
من شوّهَكْ؟
من فضَّ كُحلَكَ من عُيُونِكَ
من تُرى اجتَثَّتْ يَداهُ
عُروقَ زَعتَرِكَ الأليفِ
ومن تُرى نَحرَ المَودَّةَ في القُلوبِ
وأيُّ جُوعٍ كافِرِ القَسَماتِ
هجَّجَ من كُروُمِ الحبِّ فِينَا
قُبّراتِ الألفةِ ال كانتْ تُطرِّزُ حَولنَا
سَهَرَ الليالي بالنّجُومِ وبِالغِناءِ
وحَفسَةِ الفَجرِ الجَديدِ ..
تُنيرُ في القلبِ الأمَاني الخُضرَ
تُعلي ألفةً تَعلو على وَجَعِ المسَافةِ
واشْتِدادِ الهمِّ والبَردِ الشّديدِ ..
فأينَ أنتَ اليَومَ منّا؟
ما تَرَى مِنكَ عُيُوني هَهُنا
حاشَى بأن يرضَاهُ قلبي لحظةً
أن يُشبِهَكْ.
يَاليتَ قلبي مَرّةً يَقسُو كقَلبِكَ
أيهَا العَاصِي العَزيزَ،
ليَكرَهَكْ.
لوس أنجيليس 10 ديسمبر 2010
المراجع
الموسوعة الالكترونية العربية
التصانيف
تصنيف :شعر ملاحم شعرية
|