اننا نعيش عصر «الشيف» بامتياز فما من فضائية عربية الا وتفرد مساحة برامجية كاملة «للشيف» كي يستعرض مهاراته المطبخية، ويبدو ان فشل الامهات الحديثات في تقمص دورهن المطبخي قد بدأ يعمل على تعزيز هذا التوجه إذْ بدت الأم الطازجة مطبخياً وكانها لم تستفد من مرجعياتها التربوية في فنون الطبخ فكان من الضروري ولكي ترضي الشهوة الطعامية عند «ابي العيال» فقد صارت من اكثر المتابعات لبرامج تلفزيونية خاصة بفنون الطبخ.

ان من يتابع الفضائيات العربية يجد حالة اهتمام متزايدة باستعراض فنون الطبخ واستعراض تنوعاته المحلية والعربية والعالمية. لا بل ان الامر تعدى ذلك الى اجتراح فضائيات جديدة مختصة في بثها حول الفنون الطعامية.

والمشكلة هاهنا ان المطبخ الصغير تحول في مثل هذه الربامج الى مطبخ عالمي يضم كل انواع الطهي العالمي، وصار يمكن لاي وجبة ان تتمدد وتتثاءب جغرافياً حتى تصل الى القطبين الشمالي والجنوبي.

وفنون الطبخ لا تنحصر في انتشارها على مستوى الفضائيات فقط بل تورم الموضوع واتسع حتى بات يشمل كل قنوات المرئي والمسموع والمقروء فانت لا تكاد تمسك بمجلة او بصحيفة حتى تجد في احد اركانها تلك الزاوية التي تغريك بتعلم فن الطبخ. وعليه فقد صارت عبارة مثل «المقادير» طريقة سحرية لتعلم كل فنون الطبخ.

وعليه فلم يعد الواحد منّا وضمن هذا المعطى يقبل بوجود طبخات مكرسة تاريخيا باعتبارها من الارث المقدس لانواع الماكولات بل صارت فكرة الطعام من الافكار الطائرة التي يمكن استبدالها في اي وقت. ويمكن القول بان فكرة الاطعمة صار يمكن لها ان تتعولم وتصبح عالمية هي الاخرى.

ومن الفكاهة ايضاً القول، ان بعض المطابخ العالمية وبناء على سطوة «الشيف» وتفشيه ان تقوم باحتلال مطابخنا واعادة صياغة رغباتنا الطعامية من جديد.

وكان الله بالعون


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور