ونحن نعيش كل هذه الاوضاع المتدنية في مستواها الفكري علينا ان نتوقف لنسأل عن المال الذي تذهب اليه جهودنا المعرفية والحضارية، ولأن السؤال متخم بالقسوة الفاضحة فاننا نتجنب الاجابة على هذا السؤال ذلك ان الاجابة ستكون موجعة بالتأكيد

والحال فان الالحاح في طرح اسئلة من هذا النوع لا بد وان تفتح لنا افاقاً تستوجب منّا الانتباه للكوارث القبرية التي تجعلها تحيط بنا كالافخاخ الملغمة. التي تظل تهدد وجودنا التاريخي.

والحال يستوجب علينا مواجهة بعض امراضنا الاجتماعية التي بدأت تطفو على سطح تاريخنا المضارع وتتشكل بطريقة مؤذية وموجعة وصار الامر يتطلب منا الاسراع بالمعالجة وتحديد ماهية الامراض التي بدأنا نصاب بها. فالمرض النفسي الذي يخص الافراد وتقلباتهم السايكولوجية المعقدة اصبح بحجم مجموعات بشرية باتت قادرة على رسم عتمة مستقبلنا

نعم ان التعامل المزمن مع تاريخنا باعتباره مرجعية مزمنة لمضارعنا الحياتي استطاع ان ينهض هذا الماضي من مقبرته التاريخية ويكسوه لحما وعظماً لا بل استطاع ان يمنحه السطوة في التحكم في اسلوب حياتنا وفي مسلكياتنا اليومية الاعتيادية.

فالفتاوي العجولة باتت تنتشر بين الناس كالنار في الهشيم لا بل باتت ملزمة للعديد من الطبقات والفئات على صعيد المسلك والاقتداء وفي مناطق عربية واسلامية ثمة هجمة للازياء فملابس "طالبان" الخاكية والعمامة والذقون واللحى الكثة باتت من الازياء والاكسسورات التي يستكمل فيها السلفي شكله الاجتماعي واما عن ملابس النساء وسماكة الملابس السوداء فحدث ولا حرج.

والاغرب من كل هذا هو نهوض الطوائف والمذاهب في المناطق العربية والاسلامية بحيث باتت تتحول الى مرجعية جديدة قادرة على تقسيم مجتمعاتنا بخطوط طولانية وعرضية لا بل تم انهاض فكرة "التكفير" من جديد ومحاربة التغير والتطور في كل مناحي الحياة.

ان تاريخنا الذي ظل يصاحبنا كلازمة موجعة لحركتنا الحضارية هاهو ينقلب علينا ويطالبنا بفواتير حضوره وعلينا ان نستعد تسديد كل هذه الفواتير بالدم ولا شيء غير الدم


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خليل قنديل   جريدة الدستور