الأزمة المالية العالمية والارتفاعات الشاهقة على أسعار السلع الأساسية والأغذية أعادت الاعتبار للقطاع الزراعي ، وبادرت الدول الغنية والفقيرة إلى الاهتمام بالإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية ، وقامت عدة دول خليجية بالاستثمار في زراعة الأرز ومنتجات أخرى في دول أسيوية للمحافظة على الأمن الغذائي لشعوبها.

والأردن الذي يعاني شح المياه لمختلف الاستخدامات بخاصة للزراعة ، ويواجه انكشافا غذائيا مزمنا ومتفاقما ، يسعى لتعظيم القيمة المضافة للقطاع الزراعي في الاقتصاد ، وكانت ذروة هذه الجهود المبادرة الملكية باعتماد 2009 عام الزراعة ، وتنفيذ خطط تشتمل على مشاريع وبرامج من شأنها زيادة الإنتاجية الزراعية والثروة الحيوانية ، وبلوغ درجة أفضل من اكتفاء الأسر الأردنية في القرى و الأرياف والبادية من الإنتاج المنزلي والحقلي.

التحول النوعي الذي تنفذه وزارة الزراعة في سبيل تنفيذ المبادرة الملكية أنطلق من اعتماد التخطيط الاستراتيجي للزراعة بدل إدارة الأزمات كما في العقود والسنوات الماضية ، واعتماد فكر ومنهجية موحدة تشمل القطاعين العام والخاص لدعم الزراعة والثروة الحيوانية ، وتحقيق التوازن بين مختلف الأطراف المنتج والمسوق والتاجر والمستهلك.

وفي مراجعة أولية لأداء وزارة الزراعة الجهة الرسمية المعنية في تنفيذ المبادرة الملكية بتحويل العام 2009 والأعوام المقبلة أعواما للزراعة والإنتاج ورفع معدلات الاعتماد الذاتي والاستقرار الغذائي وتأمين قوت المواطنين بيسر وبعدالة ، فان ما تم انجازه بالمقارنة مع الأموال المخصصة منذ بداية العام الحالي يعد مجزيا ، ويؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح ، وان الأعوام المقبلة ستكون أفضل بالنسبة للقطاع الزراعي والثروة الحيوانية .

وحسب الوثيقة الزراعية التي وضعتها الحكومة فان هناك حزمة من المشاريع المختلفة في حال تنفيذها كاملة ستساهم في رفع وتيرة الإنتاج الزراعي وإعادة الحيوية للثروة الحيوانية التي تراجعت خلال الثلاثة أعوام الماضية ، ومن هذه المشاريع زيادة دخل الأسر الريفية ، تطوير زراعة العنب ، وتطوير المشاتل الحرجية ، ودعم زراعة الأعلاف الخضراء ، وبناء القدرات ، حماية الثروة الحرجية ، إدخال وتطوير الحصاد المائي وتنمية المراعي في البادية ، إلى جانب مشاريع أخرى حيوية تنتظر التمويل.

وتبلغ تكلفة المشاريع 118 مليون دينار للعام الحالي ، تم تدبير 52 مليون دينارمنها ، منها 32 مليون دينار هي النفقات الجارية لوزارة الزراعة ( رواتب موظفي الوزارة ونفقاتها ، وتشغل الوزارة ما يزيد عن 7500 موظف وعامل ) ، أي أن ما تم إنفاقه لدعم الزراعة في عامها المنتظر نحو 20 مليون دينار ، وبهذا القدر المحدود من المخصصات المالية يعد تقدما مهما.

الاهتمام بالزراعة أولوية قصوى تتقدم عددا كبيرا من المشاريع الرأسمالية ، وان العام المقبل وان كان عاما صعبا على المالية العامة ، إلا أن الإنفاق الإنتاجي وتمكين مئات الآلاف من المواطنين في الأرياف والقرى والبادية من العيش وتحسين معيشتهم غاية في الأهمية لتخصيص الأموال اللازمة لمواصلة المشاريع التي تضمنتها الوثيقة الزراعية التي تمتد حتى نهاية العام 2011 ، بحيث نعيد للقطاع الزراعي حيويته وقدرته إلى جانب القطاعات الاقتصادية الأخرى.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور