ينصّ الدستور على اعتماد خطاب العرش بيانا للثقة، إذا تشكلت الحكومة في غياب مجلس النواب، لكن الرئيس الذهبي وقد جاء تشكيل حكومته قبل أيام فقط من التئام المجلس الجديد، فضّل عدم الاكتفاء بخطاب العرش وإعطاء النواب بيانا أكثر تفصيلا عن حكومته؛ لكي يتمكّنوا من مناقشتها تمهيدا لتصويت الثقة.
مع ذلك فإنّ التوسع في البيان لم يضف كثيرا، وقد يكون ذلك لسببان، الأول: أن الحكومة تأتي في نهاية العام وقد أعدّت الموازنة والمشاريع والخطط منذ بعض الوقت، والثاني: أن الحكومة لم تملك الوقت الكافي لكي تنظر أو تقرر في أي أفكار جديدة، وعلى ذلك فإن معظم التزامات العام 2008 التي ذكرت في البيان في مجالات مثل الصحّة والتعليم وغيرها، لم تكن بجديدة على أي مراقب مطّلع.
 أمّا في الأمور الجديدة والتي كانت ما زالت قيد النقاش في الحكومة السابقة، مثل آلية التعويض وحماية الفئات الشعبية من آثار رفع الدعم القادم عن المحروقات، فقد بقيت لغة البيان غامضة ولم تقدم مقترحات محددة وإن كانت قد تحدثت عن أكثر من شكل مثل رفع الرواتب - هناك أخبار عن زيادة 11% على الراتب الأساسي- والتعويض النقدي لغير الموظفين وأخيرا ربط الرواتب بمعدّلات التضخم و"مؤشرات الانتاج".
ربط الرواتب بالتضخم، له آلية معروفة، يطلق عليها أحيانا "السلم المتحرك" لعلاوة غلاء المعيشة، وهو لا يطبق فقط على القطاع العام، بل والخاص ايضا، لكن الأمر في لغة الحكومة ما زال ملتبسا ونفهم أحيانا أن الربط يقوم على زيادة محددة لمرّة واحدة، حيث أن بعض الأوساط تتخوف من صيغة دائمة لعلاوة غلاء معيشة متحركة، ارتباطا بمعدّل التضخم؛ لأنها تصنع حلقة مفرغة من السباق بين الأسعار والرواتب تساهم بدورها في التضخم، لكن الربط بـ"مؤشرات الانتاج" هو جديد فعلا، وآثار فضولنا ونحن نتحمس لفكرة كهذه، لكننا لا نعرف أبدا عن آلية للقياس تربط بين الرواتب و"مؤشرات الانتاج".
قد يكون نقاش الموازنة هو المناسبة للدخول في التفاصيل، لكن النواب على الارجح سيدخلون في كثير من التفاصيل في نقاش الثقة، وقد يطلبون توضيحات والتزامات محددة من الحكومة في الردّ على مداخلاتهم، ولدى الحكومة بضعة أيام لتكثيف التشاور وبلورة التصور أو المقترحات في بعض المجالات، خصوصا آلية التعويض ومقاديره، بيد أن البعض قد يفضّل البقاء على نهج "الغموض البنّاء" لتجاوز مرحلة التصويت على الثقة.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري