تظهر البيانات والارقام للجهاز المصرفي الاردني ان التسهيلات الائتمانية ، التي قدمتها البنوك المرخصة حتى نهاية شهر ايلول ـ سبتمبر الماضي ارتفعت بنسبة 1% تقريبا ، بالمقارنة مع نسبة قدرها 8% خلال نفس الفترة من العام الماضي ، وهذا التباطؤ في تقديم التسهيلات يؤكد تراجع الانشطة الاستثمارية بشكل عام ، كما يفسر تشدد البنوك في تقديم الائتمان ، واستمرار عمل البنوك بهياكل فائدة مصرفية مرتفعة على الدينار.

التباطؤ الاقتصادي والركود في قطاعات رئيسة في مقدمتها القطاع العقاري يعود الى الازمة المالية العالمية وتداعياتها ، ومن اهم نتائج هذا التباطؤ ، ارتفاع نسبة وقيمة الشيكات المرتجعة ، وانخفاض الطلب في الاقتصاد ، كما انعكس بصورة سلبية على ايرادات المالية العامة التي تعاني عجوزات قياسية ، الى تداعيات اخرى طالت المستثمر والمستهلك في نهاية المطاف.

وبعد مرور اكثر من عام على انفجار الازمة المالية العالمية بدأت الصورة تتضح عالميا واقليميا ، حيث تشير اقتصادات كبرى في جنوب شرق اسيا منها الصين ، واليابان ، وكذلك الهند انها الاكثر قدرة على التعامل مع الازمة ومحاولة الافلات من تداعياتها وعودة اقتصاداتها الى النمو الايجابي.

الاردن الذي لم تنغمس وحداته المالية والمصرفية وشركاته الكبرى في هذه الازمة ، ولم نشهد حالات افلاس وامتناع غير عادي عن الدفع ، كما ان محافظ البنوك «التسهيلات» نظيفة الى درجة كبيرة ، حيث ارتفعت نسبة التسهيلات غير العاملة من «4% الى 6%» وهذا ضمن الحدود المفهومة ، والبنوك قادرة على اخذ مخصصات لها دون تأثير على عملياتها ، بخاصة وان هذه التسهيلات غير المنتظمة سيتم استدراك القسم الاكبر منها.

ارتفاع الودائع الى مستويات مريحة متجاوزة حاجز 19 مليار دينار ، وتعزيز الاحتياطي الجاهز من العملات الاجنبية لدى البنك المركزي الى مستويات تناهز 10 مليارات دولار ، والسيولة المتاحة بين البنوك المقدرة بحوالي 3,5 - 4 مليار دينار تؤكد ضرورة تشغيل هذه الاموال في المشاريع القائمة او الجديدة ، والتوسع المدروس في تقديم خدمات التجزئة لدفع عجلة الاقتصاد الوطني الى الدوران النشط ، ودون ذلك سنبقى نتحدث عن الازمة المالية وتداعياتها وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني.

الاحتفاظ بالودائع لدى وحدات الجهاز المصرفي دون نقلها الى قنوات الاستثمار والاستهلاك سيؤدي الى رفع العبء على البنوك ويقلص قدراتها على تحقيق الربحية المستهدفة ، وتحول التباطؤ الى ركود بينما نجد دول العالم تعمل للخروج من نفق مظلم ادخلنا فيه النظام المالي العالمي سواء اقتصادات الدول المتقدمة او الصاعدة والفقيرة سواء.

احداث وتحديات اقتصادية وسياسية محلية وخارجية استطاع الاردن تجاوزها والتغلب على نتائجها ، وخلال الفترة الراهنة فان الجميع قطاع عام وخاص افرادا ومؤسسات مدعوون للتفكير في سبل الخروج من عنق زجاجة الازمة المالية ، العالمية والانتقال لمرحلة جديدة رائدها العمل المثمر وتوظيف طاقاتنا لبلوغ التنمية المنشودة.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خالد الزبيدي   جريدة الدستور