الزميل عماد حجاج أمس قرر الردّ على نشر الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول بنشر رسم "مسيء للدانمارك". فاختار الرمز الدانماركي السياحي الشهير (حورية البرونز على صخرة قرب الماء في كوبنهاغن) فوضع على رأسها قنبلة وبيدها خنجرا، على غرار أحد الرسوم الدانماركية الشهيرة.
قرأت التعليقات اسفل الكاريكاتير وتحدثت مع البعض وخرجت باستنتاج أن الأغلبية لم تفهم الكاريكاتير أو فهمته مغلوطا تماما.
رأس الحورية أخذ شكل رأس مقاتل وتم تلبيس الوجه علم الدانمارك، وهو صليب أبيض على خلفية حمراء، وهنالك حمار بخرجين وسارية للعلم يأخذ شكل الصليب المعقوف رمز النازية، وأنا لم أفهم من الرسم اساءة مقصودة جدّيا لا للدنمارك ولا للمسيحية بحسب عتاب قارئ، قال إنه لا ينبغي الردّ على الغلط بالغلط فالرسام لا يمثل المسيحية، أو حسب قارئ آخر أيّد الرسم وأيّد الردّ بنفس الطريقة قائلا: إن "ملّة الكفر واحدة"! رسم حجاج يسخر كما بدا لي بصورة لاذعة من الرسوم المسيئة نفسها. انه كاريكاتير على الكاريكاتير، وهو أكثر بلاغة ورقيا اذ يضع الآخر في مواجهة المرآة.
وكأنه يقول انظر كم من السخف والانحطاط في هذا العمل. البراعة في الفكرة أن الرسم ألبس نفس عناصر الكاريكاتير المسيء لرمز دنماركي، ثم قال لهم ما رأيكم بهذا، وقطعا لم يقصد حجّاج الرمز الديني المسيحي في الكاريكاتير، وهو حوّل الرسم على العلم الى صليب معقوف في اشارة الى اليمين المتطرف حامل راية الاساءة.
اظهار سخف وتفاهة الرسوم المسيئة ينطوي على رسالة ضدّ التهييج الديني، والرسالة التالية هي ضدّ التعبئة العنصرية بالاتجاهين، حيث اجندة التطرف تستخدم الرسوم المسيئة للتهييج ونشر مفهوم صراع الحضارات والأديان، وتُستغلّ ردود الفعل هذه عندهم من الاتجاهات المتطرفة نفسها من أجل المفهوم نفسه.
هل يحق لي أن أشرح كاريكاتيرا يفترض أن يتحدث عن نفسه؟ دعوني أتذرع بالردود التي قرأتها وبدا لي أنها لم تلتقط الرسالة المقصودة التي لم أقرأ فيها ابدا أي محاولة للإساءة للمسيحية ولا الردّ بطريقة ومنطق الرسوم المسيئة نفسها، وقد يكون للرسام رأي ثالث والله أعلم.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري