ما عسى الحكومة أن تقدم لجلالة الملك من خطط وأفكار لمواجهة الغلاء؟ لدى الحكومة بعض الاجابات، لكن ماذا لو واصل النفط ارتفاعه ليصل إلى 150 دولارا للبرميل، وهو احتمال ليس أقلّ ترجيحا من الانخفاض الى 70 دولارا للبرميل؟ هذا هو الاحتمال المخيف الذي يلوح في الأفق، ولهذه الغاية تفكّر الحكومة بإشراك ممثلين من مختلف القطاعات وخبراء وفعاليات في لقاء وطني لمناقشة مختلف السيناريوهات والسبل الممكنة لمواجهة مختلف الاحتمالات.
في الوقت الراهن، وعلى محور أسعار المواد الاستهلاكية اليومية التي يحتاجها المواطن، من الواضح أن خطوة إلغاء ضريبة المبيعات على بعض السلع ليست كافية وليس هناك طريقة فعّالة لضمان استفادة المواطن من هذا التخفيض.
الخيار الآخر هو التحول الى التسعيرة الحكومية لطيف واسع من السلع. وعلى الأقلّ تلك التي تقرر الحكومة اعفاءها من ضريبة المبيعات، لكن اعتراضات وجيهة تحول دون هذا الخيار مع أن قانون التجارة في المادّة 7 أ يتيحه للحكومة، فالمواد تختلف أسعارها وفق المصدر وهي في الوقت الراهن تتذبذب بسرعة، والكلف على التجار تختلف من مكان لآخر، فهي في عمّان غيرها في معان, والاستخلاص بحسب الحكومة أن فرض تسعيرة ليس واقعيا.
لا يبقى بيد الحكومة سوى فكرة السوق الموازي أي أن تضطلع الحكومة بدور التاجر المنافس فتشتري وتبيع للمستهلك بأفضل سعر ممكن، ولديها الأداة والبنية التحتية الجاهزة للقيام بذلك، ونعني المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية اللتين ستفتحان أبوابهما لعموم المواطنين (الأردنيين) وتوسعان نشاطهما الى أقصى مدى ممكن. وستكون المؤسستان وسيلة لمكافحة الاحتكار والتحكم في السلع ورفع سعرها والهيمنة على السوق، ويقدّر أن تبلغ مبيعات المؤسستين من السلع التي توفرها نصف مبيعات السوق الأردني عموما وهو وضع غير مسبوق في تاريخهما.
يقول المدير العام النشيط للمؤسسة الاستهلاكية المدنية، محمود ابو هزيم، إن لديه الضوء الأخضر من الرئيس وانه سيحظى بكل الدعم الضروري لتوسيع نشاط المؤسسة، والتوسع في الشراء بما في ذلك الشراء المباشر من أي مكان في الخارج. ويقول إن المؤسسة طوّرت عملها ولديها نظام لقاعدة بيانات الكترونية يتيح اجراء الحسابات الضرورية في كل لحظة ولأي هدف على المستوى العام أو الجزئي، وهناك توجه لإلغاء هامش الربح في المؤسسة الاستهلاكية على السلع الغذائية، ويراوح الفارق بين المؤسسة والسوق حول 15%، اذا تجنب التجّار الرفع الزائد للأسعار، لكن الهامش يكاد يتضاعف لبعض السلع.
ووفق المعلومات؛ تبيع المؤسسة المدنية بأكثر من 220 ألف دينار يوميا وبلغت المبيعات للربع الأول من هذا العام أكثر من مبيعات العام 2004 كلّه، وبلغت المبيعات العام الماضي 68 مليون دينار، والمتوقع أن تصل الى 130 مليون دينار هذا العام وتحتاط المؤسسة باستيراد كميات ضخمة من الأرز والسكّر، وكذلك ما يقارب 14 نوع حليب. من جانب آخر تحاول الحكومة التحوط للارتفاع المتوالي المتوقع للحبوب بالتعاقد مسبقا على كميات القمح لعام كامل.
هذا بالنسبة للمواد الاستهلاكية الشخصية، لكن ثمّة قطاعات أخرى يجب التفكير بها ايضا مثل مواد البناء والاسمنت الذي يرى المقاولون انه ينطوي على احتكار فعلي، وحديد التسليح الذي يطلب المقاولون تسهيل استيراده بإلغاء "الترميز" الذي هو حيلة من مصانع الحديد قبلتها الحكومة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري