غمزت وزيرة الخارجية الأميركية السيدة المهذبة هيلاري كلينتون، الحكومة الاردنية الاسبوع الماضي في حفل توقيع مذكرة التفاهم على منحة لدعم مشاريع مياه لخدمة سكان محافظة الزرقاء، التي تضم واحدا من أكبر مجتمعات اللاجئين في الأردن بالشكر والتذكير بدور الدولة الأردنية في رعاية وضيافة العراقيين في الأردن.
ذلك يستدعي التساؤل ومراجعة حجم الأضرار الاقتصادية التي لحقت بالاقتصاد الأردني ومشروع التنمية الوطنية نتيجة الحرب الأميركية على العراق ومسؤولية المجتمع الدولي عن ذلك، في الوقت الذي تكاد الحرب أن تضع أوزارها مع بداية رحيل الجيش الأميركي عن العراق، مقابل حجم المساعدات والأثمان السياسية المطلوب من الأردن أن يقدمها إلى جانب أوضاع الجالية العراقية في الأردن ومستقبل وجودها.
نشرت مجلة علم الاجتماع العربية الصادرة في بيروت في عددها الأخير دراسة بعنوان "الضيوف العراقيون في الأردن: إعادة النظر في الحماية وفي دور الدولة المضيفة"، للباحثة جرالدين شاتدلارد وعروب العابد وكيت واشنطن من المعهد الفرنسي للشرق الادنى في عمان، تحاول الدراسة القيمة وصف الاوضاع القانونية والاقتصادية والانسانية للعراقيين في الاردن وانكشافهم الاقتصادي والانساني، ووضع البدائل والحلول امام الدولة المضيفة، لكنها تتجاوز دور المجتمع الدولي الذي يتحمل المسؤولية وحده عن أوضاع العراقيين في الأردن وغيره، كما تتجاوز الدراسة التعرض ولو بالإشارة لتقييم الآثار السلبية التي تركتها حركة اللجوء العراقي على المجتمع والاقتصاد والبنية التحتية في الأردن.
رحب الاردن بالعراقيين قبل الحرب وبعدها وعدهم ضيوفا على الدولة والمجتمع الاردني، ووفر لهم نظام حماية تلقائيا باعتبارهم ضيوفا بالدرجة الاولى، وقبل ان تقدم مفوضية اللاجئين مبالغ محدودة (11مليون دولار) لوزارتي الصحة والتربية، كانت المدارس الاردنية الحكومية تستوعب الاطفال العراقيين، فيما كانت منظومات الخدمات الصحية المحلية متاحة امام العراقيين.
لا ينطبق مفهوم اللاجئ على معظم العراقيين في الاردن، بل يصنف هذا الوجود منذ التسعينيات على أساس انه وجود مؤقت، اي ان اقامة الضيوف اقامة مؤقتة بانتظارعودتهم الى وطنهم او هجرتهم الى بلد ثالث، ومع استمرار ذهاب العراق نحو المزيد من الاستقرار الامني لا يوجد وضوح حقيقي حول حركة العراقيين في الاردن، مع استمرار حركة قدومهم الى البلاد والتي قدرت رسميا خلال العام 2009 بنحو 25 الف عراقي منحوا اقامة لمدة عام.
تذهب دراسة جيرالدين وزملاؤها الى اقتراحات مفيدة في تسهيل عودة العراقيين أو تسهيل حركتهم عبر الاردن، أهمها أن العراقي في الأردن ونتيجة الخوف من فقدان (حق العودة) إلى الأردن يرفض الحركة في جميع الاتجاهات؛ فمعظم العراقيين في الاردن لديهم رغبة بالعودة الى العراق لتقييم الاوضاع هناك ثم اتخاذ القرار الملائم لهم، لكنهم يتعثرون بالخوف من عدم قدرتهم على العودة ثانية إلى الأردن، لذلك تقترح الباحثة تنظيم إقامات مؤقتة للعراقيين الموجودين بشكل غير نظامي تسهل حركتهم في بحثهم عن مصيرهم النهائي.
على الجهة الأخرى وفي أجواء الاحتمالات لعودة التعافي السياسي والامني للعراق، تحتاج دول المنطقة المضيفة الى بناء منظور اجتماعي- اقتصادي للأثمان التي دفعتها جراء هذه الحرب، ليس حركة اللجوء الا واحدة منها، ونحتاج بالفعل لمن يجرؤ على الكلام ويفتح هذا الملف.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة د.باسم الطويسي. جريدة الغد