السؤال:
ما الذي يعنيه هذا الحديث , وفي ترجمته " نسخت آية من القرآن " ؟ . حديث رقم ( 57 ) كتاب رقم ( 52 ) صحيح البخاري الجزء الرابع : حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرُ الْحَوْضِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عَامِرٍ فِي سَبْعِينَ فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ خَالِي أَتَقَدَّمُكُمْ فَإِنْ أَمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَّا كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيبًا فَتَقَدَّمَ فَأَمَّنُوهُ فَبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ثُمَّ مَالُوا عَلَى بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا رَجُلًا أَعْرَجَ صَعِدَ الْجَبَلَ - قَالَ هَمَّامٌ : فَأُرَاهُ آخَرَ مَعَهُ - فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ فَكُنَّا نَقْرَأُ " أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا " ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ فَدَعَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَبَنِي عُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الجواب :
الحمد لله
ليس في هذا الحديث عند أهل السنَّة إشكال بفضل الله ؛ لأنهم يؤمنون أنه هناك آيات قرآنية أنزلها الله تعالى على نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم نسخت – والنسخ هو الرفع والإزالة – ، وهذا النسخ للآيات القرآنية له وجوه أربعة :
1. آيات حفظها الصحابة رضي الله عنهم وتلوها قرآناً ، ثم نسخها الله تعالى تلاوة وحكماً ، ولم تُرفع من قلوبهم وحفظهم ، لكنهم لا يرددونها على أنها قرآن .
ومثاله : ما ذكره الأخ السائل في الحديث ، ومثاله : الآية التي فيها التحريم بعشر رضعات .
2. آيات حفظها الصحابة رضي الله عنهم وتلوها قرآناً ، ثم نسخها الله تعالى تلاوة وحكماً ، ورفعت من قلوبهم وحفظهم .
ومثاله : ما رُفع من الآيات في سورة الأحزاب والتي كانت تعادل في طولها سورة " البقرة " .
قال السيوطي - رحمه الله - : " هذا من المنسوخ تلاوة الذي أشير إليه بقوله تعالى ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا ) ، فكان الله ينسيه الناس بعد أن حفظوه ، ويمحوه من قلوبهم ، وذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، إذ لا نسخ بعده " انتهى من " الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج " ( 3 / 129 ) .
3. آيات رُفع لفظها وبقي حكمها .
ومثاله : آية الرجم " الشيخ والشيخة إذا زنيا ... " .
4. وجه رابع أخير وهو ما رُفع حكمها وبقي لفظها قرآناً يُتلى إلى يوم القيامة .
ومثاله : ما نزل من آيات في إباحة الخمر مثل قوله تعالى ( وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ) النحل/ 67 .
وفي الحديث الذي ذكره الأخ السائل بيان أن جملة " بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ " كانت قرآناً يُتلى ثم رُفعت ورفعها يعني أنها لم تعُد قرآناً ، وهي مما حفظه الصحابة وبقي في قلوبهم – وهو الوجه الأول السابق ذِكره - وهذه رواية أخرى للحديث فيها لفظ يوضح ذلك .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلَاثِينَ غَدَاةً عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
قَالَ أَنَسٌ : أُنْزِلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنٌ قَرَأْنَاهُ ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ " بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ " .
رواه البخاري ( 2659 ) .
وقد ذكر هذه الوجوه الأربعة كلها أئمة الإسلام ، وبعضهم يجعلها وجوهاً ثلاثة جاعلاً الوجهين الأولين وجهاً واحداً ، ومن هؤلاء الإمام ابن عبد البر رحمه الله ، في كتابه " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 4 / 273 – 277 ) .
وانظر جوابي السؤالين ( 105746 ) و ( 110237 ) ففيهما أمثلة ونقولات عن أهل العلم مفيدة في باب النسخ .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
المراجع
موسوعة الاسلام سؤال وجواب
التصانيف
المعرفة