طبعا هناك حاجة لمراجعة لكن ليس بالمعنى الذي قصده أصدقاء معسكر الممانعة في كتاباتهم. فحين يبدو أن مرحلة قد وصلت الى خواتيمها فبالتأكيد يجب أن تكون هناك وقفة تحليل وتقييم لما آل اليه الموقف ويجب السعي لوضع رؤية وأهداف وخطّة عمل للمرحلة المقبلة.
إدارة بوش ستبدأ العدّ العكسي لمغادرة البيت الأبيض، وهي لن تفعل شيئا مهما في الوقت القليل المتبقي وخصوصا في الشأن الفلسطيني، ورئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت على وشك الاستقالة تحت وقع فضيحة الرشى (هي للتذكير 150 الف دولار فقط دعما لم يتمّ التصريح عنه لحملته الانتخابية). وهناك اقتراح انتخابات داخلية في كاديما لاجراء التغيير، وقد ينتهي الأمر بانتخابات مبكرة للكنيست. وعليه فالمفاوضات على الجبهة الفلسطينية ستذهب الى الثلاّجة بانتظار تبلور الوضع الداخلي الاسرائيلي.
السياسة الأردنية التي تمحورت حول هدف جعل هذا العام عام الحلّ وصلت الى نهايتها، ويجب أن نفكر في خطّة أخرى تقوم على اعتبار أن الحلّ مازال بعيدا، وأن دعم صمود الشعب الفلسطيني على ارضه واعادة ترتيب البيت الفلسطيني وحلّ الانقسام الداخلي هو عنوان العمل مع الجانب الفلسطيني للمرحلة المقبلة، وعربيا فإن القضيّة التي قامت عليها رباعية الاعتدال (مصر والأردن والسعودية ومصر والامارات) تضمحل مع ابتعاد الحلّ الفلسطيني وتحقيق الاتفاق اللبناني، وهما القضيتان اللتان اتحدّ الاعتدال العربي عليهما وتواجه مع محور سورية وايران حولهما، وفوق ذلك ها هي سورية تعود الى المفاوضات بينما تبحث الولايات المتحدّة عن تفاهم مع ايران حول العراق.
هذا لا يعني نهاية التباين السياسي. ليس داخل لبنان وفلسطين ولا بين الأطراف المعنية بالقضيتين. وموقع الأردن الطبيعي هو نفسه الذي كان فيه سابقا، لكن الاوليات تغيرت، والمهمّات تبدلت، وهذا ما ستدور حوله المراجعة.
مشكلة لبنان مع حزب الله وسورية وإيران لم تنته، والاردن سيكون باستمرار مع استقلال لبنان وسيادة الدولة الداخلية على الجميع وحقها في علاقة احترام وندّية مع سورية. ومشكلة السلطة مع حماس لن تنته الا بانهاء الانقسام وإنهاء تصرف طرف أو آخر على عاتقه بقرار التصعيد أو التهدئة. وقضية العراق سوف تستمر في قسم العرب وايران، ويبدو أن ثمّة عام كامل يجب أن ينقضي لتجاوز المرحلة الراهنة من الركود وانفتاح طرق جديدة.
يجب أن تستقر ادارة اميركية جديدة وهي ان كانت ديمقراطية فإن تحولا سياسا كبيرا سيحدث في المنطقة ابتداء من العراق. ويجب انتظار انتخابات لبنانية تحسم لمن ستكون الأغلبية وانتخابات فلسطينية تنهي الانقسام وتجدد الشرعية. والى ذلك الحين، فالسياسة الأساسية هي ادارة الوقت بأقلّ قدر من المخاطر.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري