اصدرت مديرية الدفاع المدني بيانا تحذر فيه الاسر بلغة مهذبة ، من استخدام الاطفال للالعاب النارية ومسدسات الخرز، مطالبة الاهالي بمراقبة اطفالهم ومنعهم من شراء هذه الالعاب وتحديدا مسدسات الخرز التي تنتشر بشكل كبير خلال مواسم الاعياد. القصة قد تمر مرور الكرام، ولا نتنبه اليها الا بعد ان تقع الفأس في الرأس مثل كل عام ، حينما نستعرض تقارير الحوادث. والسؤال المهم كيف تختصر هذه المسألة قوة القانون وضعفه في ادارة العلاقة بين المجتمع والدولة.
في العيد الماضي سجلت عشرات الحوادث من جراء استخدام الاطفال لهذا النوع من الالعاب، وصل البعض منها الى اقتلاع عيون اطفال آخرين او اصابات في مواقع حساسة ، وبعضها ادى الى الوفاة، ووصلت اصابات العيون المباشرة والخطيرة في عمان والزرقاء فقط الى ثمانين حالة. يتكرر هذا الامر في كل موسم عيد ، وعلى الرغم من وجود قرارات سابقة بمنع استيراد هذا النوع من الالعاب ووجود قررات اخرى منعت حتى الالعاب النارية ، الا انها بقيت حبرا على ورق ، وحتى من دون وجود مرجعية قانونية واضحة فإن المسؤولية المجتمعية للسلطة التنفيذية تبدأ من هنا ، من حماية ارواح الناس ، فما قيمة كل التعليمات والاجراءات المغلظة التي تفرضها لجان السلامة العامة في كل مدينة وبلدة في ملاحقة علبة لبن فاسدة او طبق حلوى مكشوف اذ لم تقم هذه السلطات بواجب حماية الاطفال من موت او منع اعاقة شبه مؤكدة تنتظرهم.
بكل بساطة؛ يمنحنا هذا الملف درسا واضحا في قصة القانون وهيبة الدولة وسلطاتها ، وهنا يكمن المبرر الحقيقي لاحتكار الدولة للقوة من اجل المجتمع وضد اي فئة من المجتمع تحاول الاستقواء على بقية المجتمع او الاتجار به، فالقانون الذي يعمل من اجل الجميع ومن اجل حماية حقوق ومصالح الجميع هو النسخة المحسوسة من العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها ؛ فاذا ما تم التعامل مع القانون مرة بمزاجية وثانية بانتقائية وثالثة بمداراة ومهادنة او تواطؤ، تفقد الدولة حقها في احتكار القوة.
الايدي التي تهتز في تطبيق القانون ، والمؤسسات التي تسترخي قبضتها على القانون ، تعجز عن حماية الاطفال ، وتفرط في حماية عيونهم التي سيرون بها المستقبل ، هذه الايادي لا يمكنها ان تحمي صناديق الانتخابات التي يحتل الحديث عنها جل اهتمامنا هذه الايام، اما المشرعون الذاهبون الى قبة البرلمان فلن تساوي تشريعاتهم الحبر الذي تكتب به ما دامت عاجزة ايضا عن حماية عيون الاطفال.
بكل بساطة؛ من هنا تبدأ قصة دولة القانون في حماية مصادر حياة الناس، حيث يتأكد ان قانون الخرز اهم من قانون الانتخابات وان منع تجار وزعران من الاتجار بموت الاطفال وإطفاء عيونهم يسبق منع مواطن أرهقته الحياة من بيع هويته مقابل مائة دينار.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  د.باسم الطويسي.   جريدة الغد