لم تتوقف التحذيرات والتوقعات التي تطلقها مراكز أبحاث ومتخصصون منذ سنوات حول احتمال وقوع زلزال قوي يضرب مناطق على حواف حفرة الانهدام، وما يسمى جيولوجيا الفالق السوري الافريقي، ويتوقع ان يكون مركز الزلزال هذه المرة شمال وادي الاردن او اصبع الجليل ما يجعل المدن الاسرائيلية والفلسطينية والاردنية المأهولة بالسكان عرضة للاخطار المحتملة، وازدادت خلال الاسابيع الماضية حدة التوقعات بعد ثلاث هزات ارضية خفيفة ضربت المنطقة.
المشكلة لا تبدو في الكارثة الطبيعية المحتملة بحد ذاتها ، حيث تشهد معظم بقاع الارض كوارث متتالية متوقعة وغير متوقعة ، بل المعضلة الحقيقية تبدو في مدى استعداد دول المنطقة ومجتمعاتها لتحمل كارثة طبيعية من العيار المتوسط وليس الثقيل، وامامنا انكشاف حاد تعيشه هذه الايام اسرائيل في مكافحة حريق غابات، وهي الدولة التي يعدها العالم اكثر دول الاقليم تطورا بل وتعد اكثر دول العالم حساسية للاخطار وتشبه مؤسساتها عيون الضفدع في الحذر واخذ الاحتياطات، ومع هذا نلاحظ كيف تقف عاجزة مرتبكة امام كارثة طبيعية بسيطة.
الزلزال المنتظر يتوقع ان تصل قوته الى سبع درجات ما يجعله مدمرا وبذلك تذهب توقعات الخبراء وعلى رأسها المعاهد الاسرائيلية أن يحصد ما بين ثمانية الى عشرة الآف ضحية ونحو عشرين الف جريح وان يشرد عشرات الآلاف، وعلى اعتبار ان آخر زلزال قوي ضرب المنطقة يعود الى عام 1927 والزلزال الذي سبقه عام 1827وهو بالمناسبة ألحق اضرارا كبيرة في مدينة البتراء الاثرية، فإن التقديرات تذهب الى ان دورة هذه الزلازل في هذه المنطقة الرخوة تتكرر كل نحو 80 عاما، الامر الذي يجعل التوقعات تزداد يوما بعد يوم.
وبالعودة الى الاستعدادات التي تتخذها عادة الدول التي تعاني من تكوين جيولوجي يهدد بكوارث من هذا النوع نجد ان الدولة المرتبكة امام حريق النيران قد عقدت جلسة خاصة للكنيست لمناقشة الاستعدادات لوقوع مثل هذه الكارثة. ويوجد لدى الاسرائيليين عدة سيناريوهات للزلازل المتوقعة تعتمد على مركز الزلزال وقوته ما يحدد خريطة للمواقع الاكثر تضررا وخرائط اخرى للتحرك، علاوة على الاستعدادات المرتبطة بالبنية التحتية حيث يوجد تشدد كبير في شروط البناء ومواصفات متقدمة تراعي شروط البناء الخاصة بمقاومة الهزات الارضية والزلازل، في المدن الفلسطينية تقدر المصادر الاكاديمية الفلسطينية حجم الاستعدادات الفلسطينية بأنها لا تتجاوز العشرين بالمئة في احسن الاحوال، اما لدينا في الاردن فلا احد يتحدث في هذا الموضوع.
ليس المطلوب القيام بحملات تخويف للناس او اثارة الرعب ، بل التحقق من وجود الاستعداد الفعلي لكارثة محتملة، كل العالم يتحدث عنها، والعمل على تطوير سيناريوهات حقيقية لتعبئة كافة الموارد لمواجهة اي طارئ، فخبرتنا في ادارة الازمات ذات الابعاد المجتمعية غير مطمئنة، فما بالك بكارثة انسانية بهذا الحجم، كما هو الحال في الحاجة الى تمرير جرعات خفيفة من التوعية للناس. ولنتذكر بأننا بشر وجزء من هذا العالم الذي تتوالى عليه الكوارث في كل الاتجاهات.
بقلم: د.باسم الطويسي
المراجع
alghad.com
التصانيف
صحافة د.باسم الطويسي العلوم الاجتماعية جريدة الغد