دفعت مناقشات النواب اثناء جلسات الثقة بالحكومة على مدى الاسبوع الماضي بمئات العناوين لقضايا ونقاط ضعف في الاداء العام الى الواجهة، وعلى ما في تلك المناقشات من غث وسمين فإن ثمة اجابة واحدة عن معظم تلك الاسئلة التي تطرحها وسائل الاعلام كما يطرحها الشارع والمواطن كما هو الحال في مناقشات النخب والنواب ايضا، حان الوقت ان نخلق بؤرة تركيز واحدة في التعاطي مع كل هذه الاسئلة بدلا من دوامة التشتت التي نقاد لها.
ما الذي يجعل الفساد يتمدد بأشكال متعددة ويضرب بعرض المؤسسات العامة والخاصة وطولها على حد سواء، وكيف تصبح قضية تجاوز سائق في مديرية حكومية صغيرة بثلاثة لترات من البنزين قضية فساد عاجلة يحقق بها وتستدعي وقفه الفوري عن العمل وتتصدر تقارير مؤسسات الرقابة، بينما لا يتحرك ساكن في سرقة ناقلة نفط بأكملها على سبيل المثال، ولا يرتبك القضاء لعشرات القضايا التي تذهب من دون مساءلة، الاجابة واحدة عن كل هذه التفاصيل رغم انه قد يقال ان الشبهات قد تولد فسادا آخر برمي الناس بالتهم والباطل، وايضا هنا الاجابة واحدة وهي ذاتها الاجابة الاولى.
ما الذي يجعل العلاقات الخاصة من علاقات قرابية وشللية ومنفعية ومن علاقات تبادل المصالح وعلاقات نسوية وغيرها هي المنافذ الوحيدة لتكوين النخب وتصعيدها، ما يجعل من معايير الكفاءة والجدارة مجرد شعارات هزيلة لا قيمة لها على ارض الواقع، وبالتالي الامر الذي اوجد حالة التردي في الكفاءة العامة التي تنعكس على كل مناحي الحياة واحوالها. ثمة اجابة واحدة تنطبق على تفاصيل أخرى هي ذاتها الإجابة الأولى.
ولماذا تزداد العلاقة بين الدولة والمجتمع تعقيدا، فيما يتهور الناس في استخدام القوة والعنف في ادارة شؤونهم اليومية، حيث يبدو للفرد ان ثمة وسائل وطرقا اخرى اسهل للحصول على منافع ومكاسب ما، او قد يبدو ان الوسائل الشرعية لحماية الحقوق لم تعد مجدية او ذات نفع، الحال الذي يرجعنا للإجابة الاولى التي توفر وضوحا مهما تعقدت الاسئلة.
ولماذا يطل علينا الكل بالتباكي بضياع الهيبة وفقدان المكانة؛ الدولة في المقدمة والمؤسسات العامة مرورا بمجلس النواب وصولا للمجتمع وحتى المواطن الذي يختصر كل صنوف المعاناة بعنوان عريض فقد قيمته، ايضا لا توجد اجابة شافية مثل الاجابة الاولى.
كيف يمكن ان نفسر ونفهم الاقطاعيات الرسمية التي يتصرف بها افراد وكأنها مزارع العائلة، وبالتالي كيف تفشل الخطط والبرامج والمشاريع الكبرى التي يدفع بها الناس دماء قلوبهم، ويعلقون عليها الامل والرجاء وبعد حين لا أحد يسمع بها وبعد حين اخر يصبح مجرد الحديث حولها حرام وفي باب الشرك والجحود.
هناك إجابة واحدة لمئات الاسئلة الاخرى غير الاسئلة السابقة ولاسئلة تنتج متوالية لا تنتهي من الاسئلة المضافة، توجد لها اجابة واحدة فقط تتمثل في القانون، حينما يعتري القانون ضعف، حينما تهتز الأيدي القابضة على القانون، وحينما لا يعمل القانون من أجل الجميع وحينما يصبح القانون مجرد احتياط نلجأ إليه متى نشاء.
بقلم: د.باسم الطويسي
المراجع
alghad.com
التصانيف
صحافة د.باسم الطويسي العلوم الاجتماعية جريدة الغد