هناك نقطة مهمّة في قضية الاستملاكات وردت في بعض الردود امس وتستحق التوقف عندها. وكنّا فهمنا من أمين عمّان أن تعويضا عادلا قد تقرر لأصحاب قطع الاراضي في الشريط المنوي تطويره وسط وادي عمّان، و لا أدري اذا كانت هناك اعتراضات من أصحاب الأملاك فنحن لم نقرأ ذلك.
الاستملاكات هي دائما موضوع نزاع، لكن يجدر التفريق بين نوعين من الاستملاك، فحين يكون الهدف منفعة غير استثمارية مثل انشاء حديقة عامّة أو طرق أو حديقة أو أي مرفق عام فيحق للأمانة استملاك الأرض بغض النظر عن موقف صاحبها ودفع تعويض عادل يقرره تحكيم محايد. لكن اذا كان سيقام على الارض مشروع استثماري وتجاري في اطار خطط تطوير وضعتها الأمانة أو الحكومة فأعتقد أن الحساب هنا يختلف ومن حق المالك البقاء شريكا في المشروع بقيمة أرضه. واذا لم أكن مخطئا أتذكر أنه في مشروع السوليدير الذي اعاد بناء وسط بيروت المدمرّ بفعل الحرب الأهلية جرى تحويل قيمة الأملاك الى أسهم في شركة الحريري التي انجزت المشروع وربما يكون نشأ نزاع حول تقييم تلك الأملاك. المهم أن هناك فرقا واضحا بين استملاك ارض ستكون قيمتها اللاحقة لا شيء وأرض سوف تتحول الى استثمار أو جزء مكمل لاستثمار. وفي هذه الحقبة نشهد تزايد هذا النوع الأخير من الاستملاكات وقد حان الوقت لرؤية قانونية مختلفة في هذا الشأن.
لقد حدث أن أمانة عمّان استملكت ذات يوم قطع اراض من أجل الحديقة التي قامت قرب الدوار السادس ثم إن الأمانة كما هو معروف أقدمت على التعاقد مع شركة على اقامة البرجين الشهيرين مكان الحديقة فهل هذا مقبول بحق المالكين الأصليين؟! وكما سمعنا فقد احتج هؤلاء على اساس أنهم تخلوا عن الارض لتصبح مرفقا عاما بلا قيمة تجارية وليس لبيعها للاستثمار ما يجعل قيمتها مختلفة كاستثمار لآخرين.
هذا التمييز بين نوعين من الاستملاك منطقي تماما! وهناك بالطبع حالات ملتبسة مثل النزاع الشهير حول استملاك بنايتي شركة طلال أبو غزالة بجانب مشروع العبدلي فمحل البنايتين نفسهما سيكون هناك مرفق عام هو مخارج شوارع وجسور لكن ذلك ايضا جزء من مشروع تطوير العبدلي الاستثماري فعلى ماذا نحسب الاستملاك؟ وقد نشأ نزاع حول استملاك شريط الارض على الشارع من جسر خلدة باتجاه دابوق ولم يتضح ابدا ما هو هدف الاستملاك فقد كان يتسرب أنه لدواع أمنية أو لمشروع كبير لم يفصح عنه لكن اصحاب الأملاك التي تضم ديواني قمّو وهلسه "حطّوا ارجلهم في الارض" كما يقال وعاندوا حتّى النهاية ولم يتمّ الاستملاك.
حاصل القول انه يجب التفريق بين أنواع وغايات الاستملاك وأن تكون هناك آلية خاصّة في احتساب القيمة وفق هدف الاستملاك واعطاء المالك حق الاحتفاظ بقيمة ارضه كحصّة في المشروع اذا كان استثماريا وقد يكون احتساب حصّة الاسهم في هذه الحالة معقدا وخلافيا جدا لكن يمكن استباق الأمر بوضع اسس ومعايير معينة للحلّ في كل الاحوال.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري