السبق الاخباري الذي حصلنا عليه من وزير التنمية السياسية د. كمال ناصر أول من أمس في اللقاء الموسع مع الإعلاميين هو الإعلان عن مشروع "المعهد الديمقراطي الأردني"، وسنعود إليه بعد تعليق سريع على موضوع الجلسة وهو التنمية السياسية.
د. ناصر صديق محبوب من الصحافيين والسياسيين، وهو صديق أكيد للديمقراطية والتنمية السياسية، وقد زاملته في لجنة الاصلاح السياسي في هيئة كلنا الاردن، وكان منحازا لأفكار التطوير السياسي الديمقراطي ويوظف علمه وخبرته القانونية العالية في خدمة أفكار التقدم وخصوصا في مجال حقوق الانسان واستقلال القضاء وفصل السلطات. لكن ما العمل وهو أصبح وزيرا للتنمية السياسية بعد استهلاك خطاب التنمية السياسية وطي ملف الاصلاح السياسي!
في ذروة عمل لجنة الأجندة الوطنية حول الإصلاح السياسي كان الدبلوماسيون الأجانب يأتون فينخرطون في جو يهيمن عليه مشروع اللجنة التي ترأسها د. مروان المعشر، وكان مشروع الإصلاح السياسي هو حديث كل الجلسات، وحين يشكك البعض في جدّية المشروع تجد الدبلوماسي الاجنبي يتساءل بقلق هل يعقل أن تتم المغامرة بالمصداقية لهذه الدرجة! كنت أعارض المشككين لأنني لم أتخيل كيف يمكن تعريض رصيد الصدقية لهذا الاستنزاف الخطير.
لكن هذا ما حدث فعلا. ثم في أجواء ما بعد هجمات الفنادق الاجرامية في عمّان ظهر مشروع "كلنا الاردن" ولم يكن ثمّة ما يمكن المضي به قدما في مؤتمر "كلنا الاردن" ثم هيئته العليا غير اعادة طرح الافكار والبرامج للمستقبل. وهي في مجال الاصلاح والتنمية السياسية طبعة مختصرة عن الاجندة تمّت صياغتها دون عميق قناعة بجدوى طرحها نظرا لمصير سابقتها، وهي ايضا لم تطرح مقترحات مفصّلة لكنها قررت ان تغيير النظام الانتخابي هو الركن المحوري في الاصلاح السياسي، وكما هو معلوم فقد وضع هذا كله على الرف وذهبنا الى الانتخابات النيابية وفق النظام القديم. وعليه لا نتخيل عودة للحوار حول التنمية والاصلاح السياسي وكأنها لعبه جديدة نستكشفها. كل ما يتّصل بهذا بات مستهلكا، وهو وراء ظهرنا الى اليوم الذي نجلس فيه الى كلمة سواء حول ما حصل.
في الأثناء يمكن الانشغال بأمور لا تتطلب ارادة سياسة أو قرارات حقيقية للتغيير مثل تنمية "الثقافة الديمقراطية" التي تبدأ من المدرسة والبيت.. إلخ. ولدينا الآن مقترح جديد محايد عمليا فيما يتصل بالإصلاح السياسي ونعني "المعهد الديمقراطي".
انها فكرة لطيفة وقد سبق لفكرة المركز الوطني لحقوق الانسان ان قوبلت بالتشاؤم لأنه سيكون تحت الهيمنة الحكومية، لكن المركز اثبت حضورا ومهنية ومصداقية، وفي رقبة رئيسه الجديد د. عدنان بدران مسؤولية حفظ الإرث المحترم الذي تركه سلفه أحمد عبيدات.
المعهد الديمقراطي الأردني يمكن ان يصبح مركزا يضم خزانات فكرية (think tanks) تدرس وتدرّس وتستقطب الطاقات وتقوم بالأبحاث والدراسات المتميزة بالصرامة العلمية والموضوعية تكون تحت نظر صاحب القرار في كل ما يتصل بالحياة العامّة داخل البلاد. ومن اجل ان يضطلع المعهد بهذا الدور لا بدّ من الاقتداء بتجربة المركز الوطني لحقوق الانسان في الاستقلالية وكسب المصداقية.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   جميل النمري