كان عدد التحويلات للعلاج على نفقة الديوان الملكي أكثر من 46 ألف حالة للربع الأول من هذا العام انخفضت الى 19 الف حالة في الربع الثاني من العام!
ما الذي حصل؟ نوبة تباخل تجاه المرضى الذين يشكل الديوان الملكي ملاذهم الأخير وهم يفتقدون الى اي نوع من التأمين ويحتاجون الى العلاج وخصوصا لأمراض مكلفة جدا كالسرطان وعمليات القلب وغيرها؟! ابداً, كل ما في الأمر ان شيئا من التنظيم والمسؤولية تمّ ادخالهما في الوحدة المسؤولة عن هذه التحويلات فتحققت هذه المعجزة التي توفر ثلثي النفقات.
كانت المعالجات على نفقة الديوان الملكي قد استمرت تتصاعد حتى بلغت العام الفائت ما يقارب 140 مليون دينار، وهذا رقم هائل لما يفترض انه مساعدة استثنائية بمكرمة ملكية لغير المؤمنين صحيا الذين يتلهفون على العلاج ولا يقدرون عليه. ويكفي التذكير ان كل موازنة وزارة الصحّة للعام نفسه بلغت 237 مليون دينار! والمال في النهاية هو مال عام وجزء من الانفاق الصحي ويجب التوثق انه ينفق بالطريقة الصحيحة.
العلاج من خلال الديوان كان قد اصبح مفتوحا للجميع القادر وغير القادر، أن من يحوزون على تأمين مدني أو عسكري أصبحوا يلجأون الى الديوان للذهاب الى المستشفى المرغوب مثل المدينة الطبّية أو مستشفى الملك المؤسس في اربد أو مستشفى الحسين للسرطان (الأمل سابقا)..الخ، حيث يتمّ دفع اجور معالجاتهم كاملة رغم انهم من المؤمنين.
والمؤمن لدى الحكومة يدفع 10% من العلاج اذا ذهب الى مستشفى الجامعة فيلجأ الى المعالجة على حساب الديوان الذي يدفع كامل كلفة العلاج في الجامعة ليوفر أخونا العشرة بالمائة! اكثر من ذلك أخذت تتسرب جراحات التجميل والحمل الصناعي وغيرها حتى المرافقون اصبح يُستخرج لهم معالجة من اجل تمكينهم من الاقامة مع مرضاهم، وعليه اصبحت الوقفة أمام هذا الحال ضرورية.
في نيسان هذا العام تمّ اعادة هيكلة وحدة شؤون المرضى وتعيين مدير عام جديد بصلاحيات اعادة التنظيم، وتمّ رفد الوحدة بكوادر طبّية من القوات المسلحة ووزارة الصحّة من اجل الاشراف على سلامة التحويلات، وتمّ تحديث المقرّ وربطه إلكترونيا لمنع الازدواجية وتنظيمه بطريقة محترمة ومريحة للمراجعين، وخلال ثلاثة اشهر أمكن خفض التحويلات بصورة مذهلة.
التحويلات الى مستشفى الملك المؤسس انخفضت من أكثر من 10 آلاف حالة الى أقلّ من ألف! مستشفى الجامعة الاردنية من 11 ألف حالة الى ألف وستمائة حالة! الخدمات الطبّية الملكية من أكثر من 10 آلاف حالة الى أقلّ من 5 آلاف حالة. لكن ضجّة كبيرة ثارت حول تخفيض التحويلات الى مركز الحسين للسرطان منذ البداية حيث اصبح على المرضى المؤمَّنين صحيا ان يواصلوا العلاج لدى مستشفيات الصحة أو الخدمات الطبّية، وهذه الضجّة غطّت على الانجازات وأصبحت هي الموضوع, فصدرت الارادة الملكية بالحفاظ على حق الجميع بالتحويل الى هذا المركز الذي يعيش هو في الواقع على الدخل من هذه التحويلات ولذلك لا يظهر انخفاض ملموس في التحويلات الى هذا المستشفى. وقد زار وفد نيابي الوحدة وتأكّد من صحة العمل الذي تقوم به كما قام رئيس الوزراء ايضا بزيارة المركز.
شخصيا كنت قبل ايام هناك لمتابعة حالة صديق، وكانت مناسبة لأفهم تفاصيل القضية من مدير الوحدة الذي أكّد ان الطلبات لا تردّ والمعالجة تتم كما في السابق، لكن ما تمّ هو فقط السيطرة على الهدر والتشدد في النظام بحيث يحصل على العلاج من يحتاجه وبهذا التنظيم المسؤول أمكن خفض الحالات الى الثلث كما بيّنا آنفا.
قد يشكو البعض ويصطنع دور الضحية، لكن الأغلبية الساحقة التي نشأت هذه الخدمة من اجلها تعرف وتشعر ان ما جرى كان صحيحا ومن أجلها. لقد اذهلني كم ان التنظيم وكم أن المسؤولية النزيهة تستطيع ان تفعل في الحدّ من الهدر، ورفع الكفاءة. وبالنتيجة انقاذ هذه المكرمة الملكية وضمان استمرارها. كم من المواقع تستحق مثل هذا الاصلاح وهذا التصحيح!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد جميل النمري